علاقة الأم بالبنت

علاقة الأم بالبنت

الكاتب : الدكتور علي القائمي





تعتبر الأم ركناً أساسياً في حياة الأسرة والمجتمع, فحياة الإنسان تبدأ مع الأم, وعن طريقها يتعرّف الإنسان على العالم وما فيه ومن خلالها يستطيع الإنسان أن يتعرف على الضوابط والمقررات الأخلاقية ويستطيع أن يتخذ موقفاً إزاء المسائل والوقائع التي تحدث له.

إن تطور المجتمع مرتبط بالأم, وإذا لم تتطور الأم فإن أبناء المجتمع ورجاله لا ينالون التطور والرقي, وإذا لم ينل قلوب الأطفال الاستقرار والهدوء عن طريق الأم فإن المجتمع لا يحصل على هذا الاستقرار.

إن حضن الأم يعتبر بمثابة مدرسة ينهل منها الطفل معين الأصول والضوابط الأولية التي يحتاجها في حياته الاجتماعية حيث تبقى آثارها إلى آخر العمر. والذين نالوا تربية لائقة في أحضان أمهاتهم فإنهم يتّصفون بالصلاح واللياقة لأنهم استطاعوا أن يتعلموا دروساً في الهداية والصلاح والرشاد, وهذا الأمر يصدق على الذين تربّوا في أحضان المنحرفات فإنهم سوف ينشأوون على الفساد ويتصفون بصفات أمهاتهم.



دور ونفوذ الأم

على الرغم من أن الوراثة ارتباطاً بالأب والأم بصورة مشتركة, لكن يمكن القول إن الأم لها التأثير الأكثر من الأب, وذلك لأن الطفل يبقى في رحم الأم تسعة أشهر بعد انعقاد النطفة, ويرضع منها اللبن لمدة سنين بعد الولادة, في حين أن هذه الرابطة تنقطع مع الأب بعد انعقاد النطفة.

أما على صعيد المحيط والعلاقة المحيطة فإن علاقة الطفل بأمه أكثر من علاقته بأبيه, لأن الطفل يعيش بعد ولادته لمدة سنين في أحضان أمه بصورة مستمرة وبالقرب منها, ومن بعد ذلك يبقى ملازماً للأم حتى يذهب إلى المدرسة الابتدائية, فيتأثر بأخلاقها وسلوكها ويسلك طريقها ويأنس بها. وهذا الأمر يكون أكثر بالنسبة للبنت بالنظر لكون الأم مستودع أسراها, والبنت تكون دائماً قريبة من الأم أثناء إنجازها للأعمال البيتية, فيكون للأم تأثير مهم في أخلاقها وتكون مشابهة لأخلاق وعواطف أمّها.

إن علاقة الأم بالبنت وثيقة جداً, ولا يمكن أن يتصوّر أحد أن هذه العلاقة يمكن فصمها, وعلى هذا الأساس فإن دور الأم في بناء البنت يعتبر دوراً أساسياً للأمهات نفوذ وتأثير على أبنائهن, والطفل الذي ترعرع في حضن أمه بإمكانها أن تؤثر عليه عشرات التأثيرات, فمصير الأبناء مرتبط بمصير الأمهات, والأمّ مصدر الاطمئنان والهدوء بالنسبة للطفل, والطفل لا يأنس بأحد إلّا بأمه.



الدور الأخلاقي للأم

قلنا أن شخصية البنت تتأثر- إلى حد ما- بالأب والقسم الآخر من الأم, وذلك بسبب قربها ومرافقتها للأم, فتتأثر بها وتتعلم منها, ولها دور عظيم في أخلاقها وسلوكها الحالي والمستقبلي, وحضن الأم يعتبر بمثابة المدرسة العظيمة التي تتعلم منها البنت أخلاقها, والأم وبالاستفادة من نفوذها, وبسبب كون البنت قريبة منها دائماً, تستطيع أن تربي البنت أخلاقيا وعقائديا تجعل سلوكها وأخلاقها شبيهاً بسلوك وأخلاق الأم.

فإذا ما جلست الأم مع صاحباتها وأخذت تغتاب الآخرين وتتكلم بلسان بذيء مملوء بالسب والشتم والألفاظ السيئة, أو كانت ذات سلوك مضطرب وأخلاق سيئة, فلتعلم بأن ابنتها إلى جانبها والتفكر بمستقبل ابنتها لأنها تأثر بها.



الدور المعنوي للأم

للأمهات يعلمن أبنائهن دروس العفة والتقوى, العبادة والإخلاص, الطهارة والخوف من الله, وبالأخص البنت فإن الأم تلعب دور القدوة في حياتها فتبقى الآثار الحسنة لسلوك الأم في ذهن ابنتها إلى آخر العمر. فالبنت التي ترى أمها خاضعة وخاشعة أمام الله سبحانه وتعالى وتتفانى من أجل القيام بعبادتها, والبنت ترى أمها تستيقظ جزءً من الليل تتهجد وتصلي صلاة الليل وتذكر الله, لا شك أنها سوف تتأثر تأثراً كبيراً بممارسات أمها العبادية.

بإمكان الأمهات أن يكنّ مصدراً للفضيلة والتقوى وعبودية الله سبحانه وتعالى, وتستطيع الأم أن تنقل محبتها لله سبحانه وتعالى إلى أبنائها, فيتأثر بها ابنها تأثّراً بحيث تصبح قدوته ويصبح الابن مغرماً ومتعلقاً بالله ومطيعاً لأوامره. إذا ما أصبحت عظمة الله سبحانه وتعالى متأصلة في نفوس الأمهات, وإذا ما أصبحت للأم جاذبة في إقامة الشعائر وتطبيق التعاليم الإلهية, وإذا ما وصلت على مرحلة من الوعي بحيث تعبد الله وتخشاه ولا تخشى أحداً سواه فإن مشكلات البشرية ستحل.



سلوك الأم وأخلاقها

نستطيع القول أن لسعادة البنت وشقائها علاقة- إلى حد كبير- بعمل وسلوك الأم ومستوى تأثيرها على أبنائها يجب أن تعلم أن أقل عمل تعمله يكون بمثابة بذر تزرعه في ذهنهم ومخهم وكل أعمالها تؤثر على أوضاع أبنائها.

إن أعمال الأم الحسنة والسيئة, وحبها للخير أو الشر, أحسانها وإنعامها, حفظ لسانها من الغيبة والبهتان والافتراء والكذب, وكلّ ذلك يؤثر تأثيراً بالغاً على أبنائها, وبالأخص البنت التي تكون دائماً بالقرب من أمها, حتى في المجالس النسوية فهي ملازمة لأمها, حيث نرى بعد ذلك إن كل ما تعلمته الأم قد تعلمته من أمها, فتمارس ذلك في مواقفها العائلية وفي معاملتها مع زوجها وأولادها فيكون سلوك وعمل أمها بمثابة قدوة, تعتقد بها اعتقاداً راسخاً, وعلى هذا الأساس تكون مسؤولية الأم أمام الله مسؤولية عظيمة.



علاقة الأم مع زوجها

يعتبر أسلوب المرأة وعلاقتها مع زوجها درساً لابنتها, فهل تكون صادقة مع زوجها؟ ماذا تعمل في غيابه وكيف تتصرف؟ لصالحه أو ضده؟ ما هو موقفها من عمل زوجها وبرامجه؟ هل هي راضية أم متبرّمة؟ كل ذلك يعتبر دروساً لابنتها.

فالأم إذا كانت تسعى لكي تكون علاقتها مع زوجها إنسانية, وكانت حسنة التصرف ليّنة الكلام والأسلوب, تسعى لحفظ حرمة زوجها, لا تحتقره ولا تصادر رأيه, تتخذ موقفاً هادئاً أمام غضبة ولا تختلق النزاعات والاختلافات فإن ذلك يعتبر درساً لابنتها. كذلك فإن نوع العلاقات بين المرأة وزوجها إذا كانت غير مؤدبة ووقحة, تعتبر بمثابة تربية سيئة.ولتكن علاقتها مع زوجها وأقوالها مدروسة ومحسوبة بحيث لا يحس أي أحد فالمزاح, والكنايات, وعدم التحفظ في حضور الطفل الذي نتوقّع منه أن يفهم ما نقول( في حين إنه خلاف الواقع, حيث أن الأطفال يفهمون بعض الرموز التي نتكلم بها) قد يدفعهم لتقليدنا فيها.



مواقف الأم

إن المواقف التي تتخذها الأم في حياتها العائلية, ونوعية التعامل والسلوك واتخاذ القرار تعتبر درساً للبنت, فإن البنت تنظر للأم لتراها ماذا تعمل؟ وكيف تواجه الانحرافات, والذنوب, والفساد؟

فهي تنظر إليها في مقابل الأعمال الحسنة, كإثارة الخلافات, في النزاعات والجدل, في المقاومة والتسليم, في مقابل البنت والولد من حيث إظهار الحب, في مقابل العظمة وعزة النفس أو حالة التحقير والماديات والمعنويات, وماذا تتخذ من موقف ليكون برنامجاً ودرساً لها.

في بعض الأحيان نرى الأم توكل مسؤولية الولد بأبيه ومسؤولية البنت بها, أو في بعض المواقف وبسبب علاقتها بالولد تلبس ابنتها لباس ولد, أو تربي البنت تربية الولد أو الولد تربية البنت وهذه تكون دروسً سيئة للبنات, كما أن السلوك المقرون بالغضب النابع من عدم السيطرة على النفس وعدم ضبط النفس بسبب صدمة أخلاقية للأبناء.



مسؤولية الأم في تعليم البنت

إن البنت تتعلم من الأم سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أم غير مباشرة فالبنت تتعلم من الأم كيف تكون امرأة وزوجة وأم, كيف تكون مديرة لبنتها وشريكة لحياة زوجها.

إن البنت تتعلم من الأم ولو بشكل مختصر درساً في الاقتصاد, في السياسة, في الثقافة, في الروابط الاجتماعية وتكسب منها المعلومات, وفي الوقت نفسها تتعلم أجوبة لبعض المسائل السرية والخاصة, تتعلم البنت من الأم كيف تكون أماً, ماذا تفعل أمام ابنتها, وكيف تواجه المشاكل والصعاب النابعة من الحياة, وكيف تتمكن من حلها, تتعلم من أمها دروساً في التقوى والعفاف, دروساً في النظافة والتنظيم ومئات الدروس الأخرى.

أن المهم أن تعلم الأم بأنها تستطيع أن تكون سبباً في سعادة وشقاء ابنتها, وأن ما تكسبه البنت من دروس خلال وجودها مع أمها ستكون دليلاً لها من مراحل طفولتها وحتى آخر عمرها. يجب أن تتعلم البنت دروساً في الحياة, تتعلم كيف تنهض عندما تسقط, تتعلم معنى المصاعب والمصائب وكيف تتخذ المواقف تجاهها, والأم يجب أن تعلّم البنت ماذا تعمل لكي تصل إلى مراحل السمو والرفعة عندما تكبر وأن تحافظ على نفسها من الطوارئ والصعوبات التي تعترض طريقها.



محبة الأم وملاطفتها لأبنائها

إن اسم الأم يذكرنا بالمحبة والحنان والملاطفة, من الأم ننتظر الحب والحنان لا الغضب والتطبيق الصارم للقوانين والمقررات أن التعرض لشرح أحوال الأم وما تقوم به من أعمال خارقة للعادة من الأمور التي تحير العقول, وقد ألّفوا الأساطير في هذا المجال.

إننا لا نوصي الأمهات بأن يظهرن الحبّ والحنان لأبنائهن لأن هذا الأمر بمثابة تحصيل حاصل, إن وصيتنا للأم أن تبرز حبها وملاطفتها وحنانها بشكل علني لأبنائها بحيث يرى ويلمس الأبناء ذلك.

إن إحساس الأبناء بالحب له تأثير على نمو بدن الطفل وسلامة جسمه وروحه, حيث تضفي على قلبه الصغير وروحه اللطيفة نوعاً من الطراوة, أن يد الأم التي تمسح بها على رأس وبدن ابنتها تكون بمثابة مزيل لغبار الهم والغم عن وجه ابنتها, وهذه المحبة والملاطفة ضرورية للحياة العاطفية للبنت.



الأم وأسرار البنت

إن مسؤولية الأم تجاه ابنتها تكون أصعب واشق في سنين صباها وبلوغها, حيث أن هذه المسؤولية تكون أقل في مراحل طفولة البنت. ففي مرحلة البلوغ يكون نمو جسمها سريعاً وتنشط فعالية غددها, فيتغير وزنها وطولها وتحدث تغييرات في روحيتها حيث تحتاج دائماً إلى التذكير والتحذير, والأم تكون في هذه المرحلة مستودع أسرار ابنتها, والأب في حالة الضرورة يستطيع الحصول على معلومات عن ابنته من أمها. كذلك نحن نعلم أن البلوغ الشرعي للبنت أسرع من البلوغ الشرعي للولد, وعلى هذا الأساس فإن البنت تبتلي في هذه المرحلة بالكثير من المشاكل وتحتاج إلى كثير من الأجوبة حول تساؤلاتها, فتسأل عن البلوغ وعن كثير من الحقائق التي يجب أن تكون الأم على علم بها, وإلا المفروض أن تسأل من زوجها لكي يعطيها الجواب الصحيح لتنقله بدورها إلى ابنتها.



نقاط مهمة

وأخيراً نلفت نظر الأمهات المحترمات إلى النقاط التالية:

1- يجب أن تسعى الأم لتجعل البنت مسرورة لكونها أنثى.

2- يجب أن تقوم الأم بواسطة التذكر والعمل بأن تخلق لدى ابنتها الشعور بالمسؤولية والرغبة في أداء دور المرأة ويتم هذا العمل تدريجياً.

3- يجب أن تجيب على أسئلة ابنتها بصراحة في مرحلة البلوغ حتى لا تضطر إلى أن تسأل من شخص لااطلاع ولا خبرة له.

4- يجب أن تربى غرائز البنت في مرحلة البلوغ باختيار نوع الغذاء واللباس وكذلك الحرف والفنون الأخرى.

5- يجب تربية علاقة البنت بأمها في مرحلة البلوغ وإعدادا لتشكيل العائلة.

6- يجب أن تخلق لدى البنت قدرة مواجهة الصعاب التي تعترض طريق حياتها.

7- يجب أن تكون أحاسيس البنات مختلفة عن أحاسيس البنين, ولا تدعوا البنت أن تتصرف تصرف الولد.

8- يجب أن تتعلم دروساً في تحمل المسؤولية وتكون لها القدرة على تقبل مسؤولية الحياة العائلية.

9- يجب أن تنال قسطاً من الوعي حول الأمراض, الصعوبات والتزلزل في الإرادة كحالات طارئة تتعرض لها في مرحلة البلوغ.

10-وفي كل الأحوال يجب أن تكون الأم في أسرتها نموذجاً للأم والمرأة والزوجة الصالحة كي تتعلم منها ابنتها ذلك.

و للامانة منقوووووووووول

شكرا على المررررررررررررررررور الطيب اخي مصطفى

شكرا لك اختي خلود

مشكورة اختي حلود

مشكووووووووروان على مروركم