تبسة المدينة الامازيغية المنسية

اعتادت مصادر التاريخ
المسيس الحديث على ان تبسة مدينة بناها الرومان , و لكن من المفارقات ان
الاسم الذي اعطاه الرومان لهذه المدينة هو اسم امازيغي ( تيفست) و هو ما لم
يكن يفعله الرومان حيث كانوا يسمون المدن التي يبنونها باسماء لاتينية , و
تظهر امازيغية الاسم التاريخي لهذه المدينة واضحة في النطق و ايضا في
التاء اول و آخر الاسم و هي علامة التانيث في اللغة الامازيغية ( امقران -
تمقرانت / املال - تملالت ) و ايضا في ان تبسة تقع في منطقة الاوراس و هي
منطقة امازيغية بامتياز, و ايضا فالتاريخ لا يغفل عن ذكر السكان الاقدمين
لهذه المنطقة و هم قبيلة الوسولاموس و التي تحور اسمها الى الموشولاموش (
ربما يكون اسم القبيلة المعروفة اليوم ب آث لموش هو تحور آخر لهذا الاسم و
هم النمامشة في النطق العربي ) في عدة احداث تاريخية هامة حيث نرى ان
الكثير من معارك يوغرطة و تاكفاريناس دارت في حول المدينة اي انها كانت
موجود زمان يوغرطة السابق للرومان

فالسؤال المطروح هو : هل تبسة مدينة امازيغية او انها رومانية ؟
بالعودة الى كتاب غابريال كامبس في اصول بلاد البربر ماسينيسا او بدايات التاريخ تعريب الاستاذ المحترم العربي عقون )
gabriel camps : Aux origines de la berberie massinissa ou les debuts de l’ histoire
في الصفحة 58 من الكتاب يقول الكاتب بالحرف الواحد تحت عنوان مدينة ليبية
كبيرة - تيفست خلال القرن الثالث قبل الميلاد :< حانون الذي اضحى سيدا
على المدينة اظهر قدرا من و الوداعة و الحلم لانه رفع يده على الممتلكات و
الاشخاص, و اكتفى باخذ 3000 رهينة, و قد اعترف له السكان بالفضل و تلقوا
اعلانه بحفاوة و اقاموا له و لجنده وليمة فاخرة, و هذا دليل على ان مقاومة
التيفستيين له كانت قصيرة, و يواصل ديودور حديثه عن ثراء المدينة الذي كان
كبيرا, و الرقم 3000 رهينة دليل على ذلك, و على افتراض ان كل عائلة اخذ
منها رهينة واحدة - وهو شيئ معتبر و لا ينبغي ان يفهم منه رضى السكان عنه -
يمكن تقدير عدد سكان تيفست ب 15000 نسمة على الاقل في القرن الثالث قبل
الميلاد > ورد في الكتاب نفسه بان تيفست خلال القرن 3 ق.م كانت تمتد على
مساحة 60 هكتارا و هي مساحة كبيرة مقارنة بمدن تلك الفترة, و يعلق الكاتب
في الصفحة 59 بان الاهمية لا تكمن في عدد السكان و لا في اتساع المدينة
بالآتي :< الأهم هو وجودها ذاته في بلد تشغله قبيلة الموسولام التي قال
عنها تاكيتوس انها متاخمة للصحراء و ليس لها مدينة> انتهى الاقتباس
فاذا كنا نجد ان تيفست موجودة في احداث القرن الثالث ق.م و عدد سكانها
15000 على اقل تقدير و مساحتها 60 هكتارا فهذا يعني ان بناءها كان حتما
سابقا للقرن الثالث ق.م
كما ان الاسم الامازيغي تيفست او كما يسميها اهلها من الناطقين بالامازيغية
اليوم هبست (و يقولون ان معناه اللبؤة و يروون اسطورة الطفل الذي ماتت امه
و تركته و حيدا في جبل سيدي محمد الشريف لتتولى اللبؤة ارضاعه كل ليلة و
عندما كبر بنى تبسة و من اجل هذه الاسطورة نجد تمثال اللبؤة في وسط
المدينة) و هذا كله يدل على الاصل الامازيغي للمدينة
نعم في المدينة آثار رومانية و بيزنطية كثيرة و لكن المدينة ذاتها ليست من
بناء الرومان بدليل ان ذكرها ورد في احداث القرن 3 ق.م و الاحتلال الروماني
لنوميديا كان سنة 46 ق.م فكيف يبني الرومان مدينة وجدت قبلهم بقرنين على
الاقل؟
كما ان الناطقين بالامازيغية من اهل المنطقة يوردون اسطورة لا علاقة لها
بالرومان فيذكرون لك اسطورة الجنين الذي توفي والداه بجبل سيدي محمد الشريف
قرب تاغدا حيث ربته اللبؤة السوداء عندما كبر الفتى قرر النزول من الجبل
فنزل الى موضع المدينة الحالي و كان خاليا فبنى بيته هناك و عندما رأى
الناس ذلك نزلوا من الجبال فبنو بيوتهم ايضا و لما ارادوا ان يسمو مدينتهم
سماها هذا الفتى هبست اكلااما للبؤة السوداء التي ربته و لحد اليوم مازال
تمثال اللبؤة السوداء قرب باب قسنطينة بمدينة تبسة قبالة السور الروماني
يا اهل تبسة : متى ننفض الغبار عن هويتنا الاصلية و عن تاريخنا العريق و ننقيه من الزيف و النفاق