لم يتعلم
ثيودور
هرتزل العبرية في حياته ولم يزر فلسطين، ولكنه مع ذلك المؤسس
الحقيقي
لدولة اليهود في فلسطين، ويشبه موقعه في الفكر الصهيوني والعمل
السياسي
والعسكري لإقامة دولة إسرائيل موقع ماركس في الشيوعية، فهو الذي
نظم
المؤتمر الصهيوني الشهير في بازل بسويسرا عام 1897م، ورأس
المنظمة
الصهيونية العالمية التي انبثقت عن المؤتمر حتى وفاته عام 1904م.
الميلاد
والنشأة
وُلد ثيودور
هرتزل-
مؤسس الصهيونية الحديثة- في مدينة بودابست بالمجر عام 1860م
لأسرة يهودية
بورجوازية؛ حيث كان يعمل والده مديرًا لأحد المصارف في النمسا
التي
انتقلت إليها عائلته بعد موت أخت له في المجر.
التعليم
التحق
ثيودور بإحدى
المدارس اليهودية، لكنه لم يكمل تعليمه بها، وبعد ذلك التحق
بمدرسة
ثانوية فنية، ثم بالكلية الإنجيلية حتى عام 1878م، وأكمل دراسته
الجامعية
بجامعة فيينا؛ حيث حصل على الدكتوراه في القانون الروماني.
التوجهات
الفكرية
رأى ثيودور
هرتزل أن
الحل الأمثل للمشكلة اليهودية التي كان يتعرض أصحابها في أوروبا
للكراهية
هو في إقامة دولة لهم في أي مكان، وليكن في فلسطين، على أن تحظَى
هذه
الدولة بموافقة الدول الكبرى, وقد خلص لتحقيق هذه الفكرة، سواءٌ
بالكتابة
أو بتنظيم المؤتمرات أو بالاتصال بالسياسيين وأصحاب القرار.
ويعتبر
ثيودور هرتزل
مؤسس الحركة الصهيونية من دعاة الإرهاب الصهيوني، فقد شكَّل
فريقًا من
الإرهابيين ووزعهم في البداية على روسيا والدول الأوروبية؛ من
أجل
الانتقام من الدول الأوروبية التي أخذت في اضطهاد اليهود.
وكان هرتزل
قد ألقى
في المؤتمر الصهيوني الأول مجموعةَ محاضرات لتعبئة الشعب اليهودي
بالحقد
على العالم، وجرى التكتم على تلك المحاضرات إلى أن نشرت مقاطع
منها مجلة
"فرنسا القديمة" ثم جمعتها في كتاب بعنوان "المؤامرة اليهودية"،
وكان
أبرزها في تلك المحاضرات هو وضع المخططات للسيطرة على العالم عن
طريق
الوسائل الإرهابية التي نشاهد تطبيقها على أرض فلسطين منذ أو
وطئت قدم
أول يهودي في مطلع القرن حتى اليوم.
مبادئ
الصهيونية
ومن بين ما
نشرته
مجلة "فرنسا القديمة" عن الإرهاب التي نقلتها حرفيًّا من محاضرات
ثيودور
هرتزل قوله: "وعندما تخمد نيران الثورة التي أضرمناها معًا في
سائر
البلدان وحالما يعلن رسميًّا سقوط الحكومات القائمة نحكم
بالإعدام على كل
جمعية سرية لنضمن نفوذ ما في الدولة الجديدة".
وفي محاضرةٍ
أخرى
يقوم بتحديد معنى الإرهاب وتطبيقاته عندما يقول: "لقد حكم على
الجميع أن
يموتوا، ولذلك خير لنا أن نعجل في موت أولئك الذين يتدخلون في
شئوننا من
أن نرى أبناءنا أو من أن نرى أنفسنا نموت، ونحن الذين أوجدنا هذه
الأنظمة".
ويواصل
هرتزل الحديث
عن السيطرة على الآخرين فيقول: "ومتى أصبحنا أسياد الناس لا ندع
في
الوجود سوى ديانتنا التي تُنادي بالإله الواحد الذي يتعلق به
مصيرنا؛
لأننا نحن شعب الله المختار ولأن مصيرنا يقرر مصير العالم؛ ولذلك
وجب
علينا أن نلاشي سائر الأديان إلى أن نتوصل إلى السيادة على سائر
الشعوب".
ولعل من
أبرز ما جاء
في محاضرات هرتزل السرية خططته لتهويد الحكام حتى يكونوا عملاء
لليهود
عندما يقول: "حينئذ يكون عملاء جميع البلدان يهودًا أو من صنائع
اليهود،
وهنا يبدأ العهد اليهودي العالمي ويبقى كل تنظيم وكل تدبير في
أيدي
اليهود دون غيرهم، ويكون الخوارج مأموري تنفيذ ليس إلا".
حياته السياسية
التفرغ
للكتابة:
اشتغل
ثيودور هرتزل
لمدة عام في المحاكم النمساوية لكنه ترك العمل وتفرغ للكتابة في
القضية
اليهودية التي كان يؤمن بها ووهب لها حياته بعد ذلك.
مراسلاً
صحفيًّا:
عمل هرتزل
مراسلاً
لصحيفة Vienna Neue Frei Presse في باريس بين عامي 1891م و1895م؛
حيث كتب
عن ضرورة وجود دولة عصرية يهودية كحل لمشكلة اليهود في العالم،
وأصدر في
ذلك كتابه الشهير "دولة اليهود.. محاولة لحل عصري للمسألة
اليهودية"،
وخلاصة الكتاب أنه طالما بقي اليهود في أوروبا الرأسمالية فإنهم
سيتعرضون
للاضطهاد المستمر بسبب منافستهم الاقتصادية لأوروبا، والحل
الأمثل كما
يتصور هرتزل هو إقامة دولة لهم في فلسطين.
المؤتمر
الصهيوني الأول
دعا هرتزل
إلى عقد
مؤتمر يضم ممثلين لليهودية الأوروبية بمدينة بازل بسويسرا، وعقد
المؤتمر
بالفعل عام 1897م، وانتخب ثيودور هرتزل رئيسًا للمؤتمر ثم رئيسًا
للمنظمة
الصهيونية التي أعلن المؤتمر عن تكوينها، وظل هرتزل يترأس
المنظمة حتى
وفاته عام 1904م.
وقرر
المؤتمر
الصهيوني الأول السعي للحصول على موافقة دولية للحصول على تأييد
لهجرة
اليهود إلى فلسطين تمهيدًا لإقامة دولة يهودية هناك.
مع
السلطان
عبد الحميد:
حاول هرتزل
مقابلة
السلطان عبد الحميد الثاني للحصول على قطعة أرض لليهود في فلسطين
مقابل
إغراءات مادية وسياسية، لكن السلطان رفض هذا العرض بشدة.
اليهود
في
أوغندا:
فكر هرتزل
في إقامة
إحدى المستوطنات اليهودية في أوغندا لتحويل الأنظار عن مساعي
اليهود في
فلسطين، لكن المنظمة الصهيونية رفضت اقتراحه هذا.
وفاته:
مات هرتزل
عام 1904م
في بلدة أولاخ بالمجر، ونُقل رفاته إلى فلسطين عام 1949م.