هشاشة العظام... ضريبة سوء التغذية
سامي الزهار: هشاشة العظام هي حدوث ضعف في الشبكة الكولاجينية المقوية للعظام
يوسف حلمي: تناول الشاي والقهوة بكثرة يؤدي إلى تقليل تركيز الكالسيوم في العظم
سمير عنتر: البعض يرجع آلام العظام إلى الهشاشة ويتجاهل عبء زيادة الوزن
تحقيق: - أماني أحمد وفتحي مصطفى:
يعد
مرض هشاشة العظام من أخطر الأمراض التي قد تواجه الانسان في مراحل عمره,
خصوصًا بعد الستين, وقد يداهم هذا المرض النساء بعد انقطاع الطمث أو ما
يسمى بسن اليأس. وهو مرض تفقد فيه العظام عنصر الكالسيوم, فتصبح هشة وأكثر
تعرضا للاصابة بالشروخ والكسور. وتصل نسبة الاصابة به الى 5 في المئة
وينتشر في النساء أكثر من الرجال بأربع مرات, بينما هناك آراء أخرى تخالف
ذلك, نتعرف على هذا المرض الذي دفع بالأطباء والباحثين لوصفه ب¯"اللص
الصامت" لأنه يباغت الجسم من دون أن يدري صاحبه, وكذلك طرق الوقاية والعلاج
في هذا التحقيق,
يقول الدكتور محمد سامي الزهار, أستاذ جراحة العظام
والأعصاب, والأستاذ الممتحن بالأكاديمية الأميركية لجراحة العظام: القول
بان هشاشة العظام يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة (4 الى 1) غير صحيح,
فهو يصيب النساء والرجال بالتساوي, فيقول الله تبارك وتعالى في كتابه
الكريم على لسان نبيه زكريا عليه السلام, وهو رجل: }رب اني وهن العظم مني
واشتعل الرأس شيبا{, اذن الرجل يصاب بالهشاشة مثل المرأة, الا أن الرجل
يتأخر عن المرأة 10 سنوات لأنه ليس لديه هرمون الأستروجين ولا التغيرات
التي تحدث لهن بعد انقطاع الطمث.
وهذا المرض عبارة عن ضعف في الشبكة
الكولاجينية المقوية للعظام التي تشبه الشبكة المعدنية في أعمدة المسلح
الخاص ببناء العمارات, فاذا أصاب هذه الشبكة المعدنية الصدأ فمن السهل أن
تصاب الأعمدة بالشروخ والتصدعات, هذا ما يحدث عند وجود خلل في هذه الشبكة
الكولاجينية مع تحميل الجسم عليها, فيحدث تكسر في العظم.
وقد أجريت
أبحاث كثيرة على مرض هشاشة العظام, أثبتت أن له نوعين "الأولي" و"الثانوي",
الأولي وهو المعروف والمنتشر, والثانوي يحدث في سن مبكرة في عمر الشباب,
مع وجود بعض الأمراض التي قد تؤدي اليه مثل اصابة طفل صغير بمرض السكر, أو
من يتناولون عقاقير الكورتيزون, أو من يحتسون الكحوليات بصورة كبيرة, كذلك
من يتعاطون أدوية الصرع بصورة مستمرة, أو من يخضعون الى استئصال جزء من
المعدة, أضف الى ذلك من يعانون القيء المستمر فلا يحصلون على الغذاء اللازم
فيصابون بهشاشة العظام, ومن خضعوا لجراحات استئصال الغدة الدرقية أو
الجاردرقية, وكذلك النساء اللائي خضعن الى استئصال الرحم في سن مبكرة, ما
يترتب عليه حرمانهن من هرمون الاستروجين.
وهناك أدوية خاصة باعادة نمو
الشبكة الكولاجينية للعظام ومتوافرة في أشكال مختلفة في صورة أقراص ذوابة
أو حبوب أو حقن, وكلها تعمل على نمو الشبكة الكولاجينية, وعلى وقاية المريض
من الاصابة بالكسور مستقبلا, كما أن الحركة هي أفضل وسيلة للوقاية من
الاصابة بهشاشة العظام, وخير مثال على ذلك ما جاء في سورة الكهف: }ونقلبهم
ذات اليمين وذات الشمال{, فأهل الكهف الذين مكثوا فيه ثلاثمئة وتسع سنوات
اذا ناموا على ظهرهم فسيحدث لهم امتصاص للعظم ويصابون بالهشاشة, ورعاية من
الله لهم كان يقلبهم }ذات اليمين وذات الشمال{ حتى يقيهم من الهشاشة وجلطات
الدم, وحتى يعلمنا الأخذ بالأسباب, ومن ضمن العلاج أيضًا الحصول على
فيتامين (د) الموجود في أشعة الشمس في فترتي الفجر والمغرب الغنية بالموجات
فوق البنفسجية, والدليل على ذلك ما جاء في الآية الكريمة في سورة الكهف:
}وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين واذا غربت تقرضهم ذات
الشمال{.
نقص الكالسيوم
قال الدكتور يوسف حلمي, استشاري التغذية العلاجية: هشاشة العظام عملية
مرتبطة تمامًا بتقدم السن وبصورة خاصة لدى النساء بنسبة 4 الى 1, بالمقارنة
بالرجال, وهذا يشكل خطرًا عليهن, ولهذا ارتباط كبير بعملية التغذية حيث
يكون نتيجة ليس فقط نقص كمية الكالسيوم في الغذاء, ولكنه نقص في كمية
الكالسيوم وفيتامين »B« وهرمونات تؤدي الى سهولة دخول الكالسيوم الى
العظام, وهو البناء العظمي للبنية الأساسية للعظام في الجسم, هذه الهرمونات
ترتبط بالدورة الشهرية لدى النساء, وتقل هذه الهرمونات لدى وصول الاناث
الى سن اليأس أو انقطاع الدورة الشهرية, فيؤدي الى زيادة التعرض للاصابة
بهشاشة العظام, لكنها قد تبدأ في سن مبكرة نتيجة سوء التغذية عن طريق نقص
الكالسيوم ونقص فيتامين »B«, وكذلك نقص النشاط الجسماني المتمثل في عدم
ممارسة الرياضة أو الحركة والميل الى الحياة الهادئة الكسولة, وهذا له أثر
كبير في الاصابة بهشاشة العظام فيما بعد, كما أن تناول الشاي والقهوة بكثرة
يؤدي الى تقليل تركيز الكالسيوم في العظام.
ولكي نتجنب الاصابة بهشاشة
العظام يجب أن يكون النشاط الجسماني معقولا مثل المشي المنتظم, أو ممارسة
الرياضة بصورة منتظمة, تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم مثل منتجات الألبان
والخضراوات والفواكه الملونة, والعناصر الخضراء مثل الخيار والطماطم
الغنية بالكالسيوم وأنواع الجبن بشكل عام.
وهناك فيتامين »E» المهم
لتمثيل الكالسيوم في الجسم والتحكم في نسبته في العظام خروجًا ودخولا, الى
جانب فيتامين »B«, بخلاف الهرمونات الأنثوية مثل الأستروجين والبروجستيرون,
بالاضافة الى هرمون أوستيوكالسين, الذي يأتي من الغدة الدرقية, أو الغدة
الجاردرقية, وهو هورمون مهم جدًا للتحكم في ادخال الكالسيوم واخراجه من
العظام وتمثيل الكالسيوم في الجسم وامتصاصه في القولون أثناء عملية الهضم
والامتصاص, هذا الهرمون اذا حدث له خلل فيؤدي الى مشكلات في امتصاص
الكوليسترول برغم الحرص على تناوله, فيؤدي الى حدوث هشاشة العظام سواء
الرجال أو النساء, ولدى النساء يكون أكبر من الرجال بأربعة أضعاف.
وينصح
الدكتور يوسف كل من يبلغ الأربعين باجراء فحص هشاشة العظام وهناك عوامل
أخرى ظاهرية يمكن لأي شخص أن يعرف عن طريقها أنه مصاب بالهشاشة فهناك آلام
العظام وخصوصًا العظام الطويلة مثل عظام الفخذ والساق والذراعين, وهناك
سهولة الكسر لأسباب لا تؤدي في الطبيعة الى ذلك, بالاضافة الى عدم القدرة
على المشي بسهولة, وهناك نقص الطول حيث يجد الشخص أن طوله نقص عن الطبيعي.
وتكون المرأة الحامل أكثر عرضة للاصابة بهشاشة العظام, وهناك أمراض نقص
الكالسيوم تؤدي الى الاسراع في عملية الهشاشة, لكن هشاشة العظام عملية
طبيعية تتوقف على السن وتحدث بنسب كبيرة, فمن النادر أن تجد أحدًا لا يعاني
من هشاشة العظام بعد سن الستين عامًا سواء كان رجلا أم امرأة.
والعلاج
في تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم على رأسها منتجات الألبان والخضراوات
والفواكه, فجميعها يحتوي على الكالسيوم, بالاضافة الى فيتاميني »A وB«
وهما من العناصر الغذائية المكملة والمهمة لامتصاص الكالسيوم, ومن ثم تقوية
العظام.
وهناك عوامل عدة تعيق امتصاص الكالسيوم في الجسم, وبالتالي
حدوث هشاشة العظام منها تناول الشاي بعد الطعام مباشرة, حيث يتحد مع
الكالسيوم ويمنع أو يقلل من امتصاصه في القولون, فضلا عن بعض الأدوية التي
تعيق امتصاص الكالسيوم في الجسم, كذلك من يعانون من بدايات الفشل الكلوي أو
الكبدي, والذين يعانون من مرض السكر ولا يتناولون كميات كافية من الغذاء,
أيضًا الذين لا ينظمون الدورة الغذائية لهم فيما يتعلق بموعد تناول
الوجبات, كذلك من يعانون من القولون العصبي أو التقرحي, هذه كلها عوامل
تؤدي الى سوء امتصاص الكالسيوم وبالتالي الاصابة بهشاشة العظام.
العلاج في الكالسيوم
وقال الدكتور سمير عنتر, استشاري الحميات والكبد - ونائب مدير عام
مستشفى حميات امبابة: عظام الانسان تتكون نتيجة ترسيبات كالسيوم, ونتيجة
نسبة فيتامين (د) التي يفرزها الجسم عن طريق الكليتين وخلافه, واذا كان
هناك أسباب غذائية كنقص الغذاء الذي يتم تناوله بعنصر الكالسيوم, فيصيب
العظام بالوهن, وبالنسبة للأطفال فانهم يصابون بلين العظام أو الكساح, وهذا
مرض كنا نشاهده كأطباء قديمًا, لكن الآن أصبح وجوده نادرًا, لأن أمهات
اليوم أصبح لديهن وعي غذائي, كما أن هناك تنوعًا في مصادر الكالسيوم ما
يسهل عملية الحصول عليه.
وتحدث هشاشة العظام بصورة طبيعية للنساء فوق سن
الخمسين, وهو ما يسمى بانقطاع الدورة الشهرية (سن اليأس), وبالنسبة للرجال
فانه يأتي متأخرًا, أي ما بعد سن الستين أو السبعين, وهشاشة العظام التي
تحدث لدى النساء بشكل طبيعي نتيجة التغير الهرموني بعد انقطاع الطمث, هذه
تحدث ببطء شديد وليست سببًا في مشكلات مرضية مع السيدات أو الرجال الذين
يعانون من الوزن المفرط أو السمنة, المفرطة, فمن الطبيعي عند وجود وزن زائد
على عظام بدأ يصيبها الضعف والوهن بطبيعة الأمور العمرية أن يحدث آلامًا
شديدة, الغريب أن هناك بعض الأطباء يعزون هذه الآلام الى هشاشة العظام
ويتركون الأصل وهو زيادة الوزن عليها, وهنا لن يكون العلاج مجديًا أبدًا,
ويترتب على ذلك زيارات متكررة للمريض من دون جدوى.
وللوقاية من الاصابة
بهشاشة العظام في السن المتقدمة والتي يطلق عليها هشاشة العظام السنية
الحتمية, ينصح بالانتظام في تناول قرص من الكالسيوم يوميًا, والأفضل من ذلك
طبق من الجبن القريش ضمن وجبة الافطار اليومية.