انطوت صفحة حياة منير فورار ثاني أطول رجل في العالم، حينما
فارق الدنيا مساء الأربعاء ودفن الخميس، عن عمر يناهز 40 سنة كاملة، بسبب
أعراض مرض النمو الهرموني المفرط، فقد كان يزداد بـ 4 سنتيمترات في السنة،
ما حوله إلى ظاهرة محلية ووطنية منذ سنوات، شغل فيها الناس بطوله الفارع
،2.44 ومقاس حذائه 67، وبطرائفه التي لا تنتهي، لكن قليلا من الناس لم
يتجاوزا تلك النظرة الكاريكاتورية، والنظر إليه بصفته إنسان مريض يحتاج إلى
رعاية وعناية.يقول أحد الأطباء
المختصين في معالجته مرض منير الهرموني، هو نفسه مرض اللاعب الكبير ليونيل
ميسي، الفارق الوحيد بينهما أن نشاط هرمونات منير في تصاعد، ونشاط هرمونات
ميسي في تناقص، وإن أفلحت التكنولوجيا في معالجة ميسي، والتحكم في نمو
هرموناته، لم تكن التكنولوجيا الطبية في السنوات الماضية متوفرة لمعالجته،
وحتى العملية التي أجراها جاءت في وقت متأخر، لأن هذه العمليات لائقة في سن
مبكرة، مثلما فعلت برشلونة مع ميسي، منير كان يدرك تلك النظرة
الكاريكاتورية له، ولم يكن ذلك يحز في نفسه، فقد قال لنا في آخر حوار له
"إن الناس ينظرون إلي كعملاق، لكنني أدرك أنني مريض، ومرضي ليس له حل، أنا
راض بقدري، فالله إذا أحب عبدا ابتلاه". والحق أن منير "الزوالي" كان رغم
أعراض المرض وعدم القدرة على المشي لمسافات طويلة والصعوبة التي يجدها في
اقتناء الحذاء واللباس، غنيا في توزيع المرح على الأطفال، الذين كان
يلاعبهم بيده الكبيرة، ومع الكبار في رواية الطرائف والنكات، وذكّرنا بحديث
المصطفى صلى الله عليه وسلم: "»تبسمك في وجه أخيك صدقة«، فأنا غني رغم
حالتي المعوزة"، فلم يكن يملك لا منحة ولا هم يحزنون في مجتمع يسيره
الأقزام، فقد كان ـ رحمه الله ـ يؤمن بالعفاف والكفاف، حيث اشترط أن يبدأ
أخر حوار له مع الشروق سوى بعد الانتهاء من بيع حصة من الحشائش والخضار،
جلبها من منطقة مجاورة لعين التوتة، قائلا لنا إنه يرفض أن يتوسل أحدا، أو
أن يمد يده إلى أحد، فيكفيه بعض الرزق مع الكرامة، لأن كرامته هي خبزه
اليومي الذي يغنيه ذل السؤال، رغم أنه كان يردد لنا أنه لو كان في بلد آخر
لعاش بطوله الفارع نجما مدللا أسوة بالظواهر البشرية الخارقة، بدل انتظار
تقلب الأحوال والناس. ولا شيء أثر فيه سوى حال الدنيا المتقلب، لذلك فضل
العزلة منذ سنة ونيف تقريبا، والسبب ـ حسبما كشفه لنا ـ تغير طباع بعض
الناس حوله، فقد كان يقول: عندما كنت بصحتي كان بعض التجار ورجال الأعمال
يصحبونني لمعارضهم داخل وخارج الوطن، استغلالا لصورتي الدعائية، لكن منذ
لازمت الكرسي المتحرك، لا أحد سأل عني ولو بمجرد مكالمة، لكن عيسى الجرموني
قال "واللي ما عندوش الوالي يموت في الشعبة مردوم"، فأغنى اللاحقين
والسابقين عن طباع البشر الأنانية، والاستغلال الفاحش لبعضنا البعض.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]