بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك أن العلاقة بين الوالدين من أهم العوامل التي تؤثر علي حياة الأبناء إيجاباً أوسلباً وذلك لأن الأبوين يقومان في الأسرة بدور القيادة والتوجيه والمسؤولية , بموجب قوله تعالى \" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالرَّجُلُ في مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و\"البُخَارِي\" 2/6 و4/6(2751) وفي (الأدب المفرد) 214 و\"مسلم\" 6/8(4755) و\"النَّسَائي\" في \"الكبرى\" 8823 و9128 .
إضافة إلي دورهما كآباء وأمهات وهما في ذلك يضربان لأعضاء الأسرة صغاراً وكباراً الأمثلة التي يحتذي بها بطريقة شعورية ولا شعورية علي حد سواء وهما – كذلك – اللذان يوجهان الأبناء لتعلم أنماط السلوك الاجتماعي , ويحددان مدي إفادة الصغار من الخبرة الاجتماعية التي يهيئان الجو لتعميقها في نفوس هؤلاء الصغار , وأي خلاف أو تنازع بين الوالدين يكون له تأثيره السيئ علي جميع أفراد الأسرة . وهذا الخلاف تكون له أسباب كثيرة منها :
1 – الاختلاف الكبير بين الوالدين في درجة العلم والثقافة مما يؤدي إلي تنازعهما الدائم في منهج تربية وتنشئة الأبناء .
2 – فاروق السن بين الزوجين وبخاصة إذا كان هذا الفارق كبيراً .
3- ضعف المستوي الاقتصادي للأسرة.
4- تدخل الأقارب ولاسيماً \" الحماة \" في تنشئة الصغار .
5- إرغام الابن أو الابنة علي الزواج بشريك الحياة لأسباب شخصية أوعائلية دون تراض أو موافقة .
فهذه الأسباب وغيرها تكون سبباً في الخلاف بين الزوجين , وتحويل بيت الزوجية إلي حلبة للمصارعة , وساحة للحرب ,وهذا الخلاف يتحمل أثره السيئ الأبناء , وهذا الأثر يأتي عن طريق :
1-تنافس كل من الوالدين علي اكتساب محبة الأبناء , فالتوتر والنزاع الدائم بين الأبويين قد يؤدي إلي تنافس كل منهما علي اكتساب محبة الأبناء , وينخدع الصغار بهذا التنافس وسرعان ما ينحاز الطفل لأحد الطرفين علي حساب علاقته بالآخر .
2- تعلق الأم بابنها وذلك لأن تعاسة الأم أحياناً في حياتها الزوجية يدفعها إلي التعلق بابنها تعلقاً شديداً ,فتغمره بالمحبة, وتفرط فيها ,فتفرض عليه نوع من الحماية غير صحي فيشب الطفل قليل الحيلة , مضطرب الشخصية , سلبي التفكير .
3- انصراف أحد الوالدين أو كليهما عن الرغبة في الصغير وذلك لأن كل منهما يري في ابنه صورة للطرف الآخر المكروه فهذا يأمر بشيء والطرف الثاني عناداً ينهي عنه وهذا يخلق نوعاً من الصراع النفس لدي الطفل , ويجعله دائماً عاجزاً عن اتخاذ أي قرار , ويؤثر ذلك بالسلب في سلوكه وعلي جميع تصرفاته .
فليضع الأبواب من بداية الحياة الزوجية المعايير التي علي أساسها يعامل كل منهما الآخر , والمنهج الرشيد الذي من خلاله ينشئان عليه الأبناء , حتى يخرجان للمجتمع جيلاً صالحاً ينفع نفسه ويبني مجد أمته.