حبيبي ابني ، لم أفرح فيك ، لماذا تركتنا يا ولدي؟ آه يا حسن يا حبيبي، لماذا ذهبت؟ هل قصرنا معك؟ هل أغضبناك؟ آه يا بني لقد تركت حسرة في قلبي للأبد، كل أطفال العالم لن يعوضوني بسمتك الجميلة ، كنت تنير البيت والحياة، كانت الحياة بوجودك لها معنى آخر .
كان أبو حسن يبكي وينوح في المستشفى عندما عرف أن ابنه الصغير قد مات. لم يكمل السنة، فكيف مات يا رب؟
سأل زوجته كيف يموت اختناقا وأنت في البيت؟ ألم تنتبهي؟ أين كنت؟ طبعا مشغولة مع صديقاتك في الثرثرة ، هذه تزوجت، وهذه طلقت ... هكذا أنتن ، تضيعن أوقاتكن في الكلام الفارغ.
لم ترد عليه سهام فقد أخرسها حزنها على ابنها. لكنها تمتمت بعد لحظات:
- لا اعتراض على إرادة الخالق.
- سألها لكنك أهملت بحق ابننا الوحيد
- كيف لي أن أعرف أنه سيضع الحرام على وجهه ويختنق. خفف عنك يا أبا حسن، سوف أنجب لك عشرة غيره.
- تستطيعين أن تنجبي عشرين غيره، لكنك لن تستطيعي أن تنزعي الحزن من قلبي عليه. ثم بدأ يبكي
مرت الأيام ، وقرر الزوجان أن ينجبا طفلا آخر يعوضهما الطفل الأول وبالفعل ، فبعد شهرين كانت سهام حاملاَ من جديد وبعد مرور أشهر الحمل أنجبا طفلاً جديداً وكان ولداً أيضا .
فرح الأب وكانت سعادته لا توصف فقرر أن يسميه عبد الكريم لأن الله أكرمه به وكان يتصل بزوجته من مكان عمله عدة مرات يوميا يستفسر عن ولي عهده، لكنه فوجئ في أحد الأيام عندما اتصل بالبيت أن زوجته تبكي وتصرخ فسألها
- ماذا حدث يا سهام ؟
- مات عبد الكريم
- ماذا تقووووووووليييييييييييين؟
- مات عبد الكريم
- هل اتصلت بالإسعاف ؟
- نعم هم في الطريق
- حسنا أنا قادم لك
لم يطلب أبو حسن إذنا من العمل وعلى الفور استقل سيارته وتوجه للبيت بأقصى سرعة ممكنة وهو لا يلوي على شيء . في الطريق اتصلت به زوجته وأخبرته أن سيارة الإسعاف وصلت ونقلته إلى المستشفى وحددت له العنوان فغير اتجاه سيارته للمستشفى وهو يقود السيارة بسرعة جنونية .
وصل المستشفى ، صعد للأعلى بسرعة لقسم الطوارئ، وهناك سألهم عن مكان وجود الطفل فدلوه على الجناح، وصل ليجد زوجته هناك تبكي
- أين عبد الكريم؟
- ها هو
نظر إليه ولم يصدق كان يبتسم كأنه لم يمت، هجم عليه قبله، وضمه إلى صدره ، نظر لزوجته وسألها :
- كيف مات ؟ أين كنت ؟ ألم أنبهك من قبل؟
- لا تقل ذلك يا حبيبي، إنها إرادة الله
- إرادة الله ؟! لماذا إرادته شاءت أن يموت لنا طفلان، ألا يوجد غيري في هذا العالم لينتكب بطفلين . نظر إليها وقال بانفعال:
- أنتِ السبب لو كنت تطلين عليه كل عدة دقائق لما حصل ما حصل .
- حرام عليك ، هل هناك أم تريد أن تفجع بابنها ؟؟
غادرا المستشفى إلى البيت بعد مشاحنات طويلة على أمل أن يدفنا المولود في اليوم التالي .
في البيت انزوى أبو عبد الكريم في غرفة نومه يتفرج على صور ابنيه وهو يبكي، في تلك الأثناء اتصلت الزوجة خلسة وبدأت تتمتم بالإنكليزية بصوت منخفض ، فاعتقد إنا تخفض من صوتها حتى لا تزعجه .
- الله يساعدها ، فقدت ولدين في عامين متتاليين، لكن رغم ذلك أقول إنها مقصرة ؟؟
مساء ذلك اليوم بينما كان أبو حسن يجلس مع بعض أصدقائه الذين جاءوا للتعزية بالفقيد، طرق الباب طرقة عنيفة فذهب أحد الضيوف ليفتح الباب بدلا من والد الطفل المنهك اعتقادا منه أن الطارق جاء معزيا، ما إن فتح الباب حتى فوجئ بعدة رجال أمن شاهرين بطاقاتهم في وجه الضيف :
- إف بي آي ، هل سهام موجودة؟
- وقف أبو حسن مذعورا ، ما الخبر ؟
- نريد سهام توفيق خرجت سهام توفيق من الغرفة الأخرى مرعوبة، ماذا تريدون مني ؟
- أنت سهام توفيق ؟؟
- نعم أنا سهام ، ما الخبر ؟
- لدينا بعض الأسئلة حول وفاة ابنك نريد إجابة عليها، جئنا لاصطحابك للمكتب .
- الآن ؟؟
- نعم الآن ويمكن لزوجك أن يصحبك إن أراد ؟ بعض الأسئلة وستعودين على الفور.
نظرت لزوجها مرعوبة، فقال لها : لا تقلقي يمكننا الذهاب لعلهم يساعدونا بشيء عن وفاته .
اعتذر أصدقاؤه الذين جاءوا للتعزية وانصرفوا بعد أن عرضوا عليه المساعدة أو توكيل محام لكنه شكرهم ، فلا شيء يستحق توكيل محام ، نحن لم نرتكب جريمة .
في مكتب التحقيق سأل المحقق الأم
- كيف قتلت الطفل سيدة سهام ؟؟
- ما هذا السؤال أنا أمه وكيف أقتله ؟؟ وبدأت تبكي
- سيدة سهام هل يوجد لزوجك بوليصة تأمين على الحياة ؟
- لا طبعا
- هل لديك بوليصة تأمين على حياتك ؟
- لا نحن نؤمن بقضاء الله
- حسنا لماذا إذن اشتريت بوليصة تأمين على حياة كل من حسن وعبد الكريم؟ كل منها بمائة ألف دولار .
- تا تا ... أمنتهم لحمايتهم ؟
- ماذا تقولين ؟ سأل الزوج الذي كان في مكتب التحقيق ، هل كان لحسن وعبد الكريم بوليصة تأمين ؟؟
- نعم أمنتهم لتأمين مستقبلهم ، ردت سهام .
- لكن بوليصة التأمين على الأطفال لا يستفيد منها الأطفال ، بل ورثة الأطفال فالبوليصة تقول أنه في حال وفاة حسن أو عبد الكريم يدفع لأمه مبلغ مائة ألف دولار ؟ أليس كذلك يا سهام ، سأل المحقق ؟
- هل هذا ضد القانون ؟ ردت سهام بينما فتح الزوج عينيه مستغربا : مائة ألف دولار ؟
- لا ليس ضد القانون، لكن لماذا لم تشتر بوليصة تأمين لك أو لزوجك حتى إذا حصل مكروه لكما يستفيد الأطفال بالمال حتى يبلغا سن الرشد ؟؟
- لم أفكر بذلك
- سيدة سهام نأسف أن نقول لك أنت رهن الاعتقال ، يمكنك التزام الصمت، لأن أي شيء تدلين به أو تتفوهين به سوف يستخدم ضدك في المحكمة، يمكنك توكيل محام للدفاع عنك.
وضعوا القيود بيديها ، صرخت:
- أنا لم أقتل، أنا لست قاتلة ؟؟ صرخ المحقق
- كيف مات حسن مخنوقا وبنفس الطريقة التي مات بها عبد الكريم؟
- لا أدري
- أين كنت عندما مات ؟
- لماذا لم تبلغي زوجك أنك قبضت مائة ألف دولار عندما مات حسن قبل سنة ؟؟
- كنت أريد أن أوفرها لأشتري شقة لنا فيما بعد ؟
- بدون علم زوجك ؟ سألها المحقق . نظر إليها زوجها غير مصدق لما يسمع ثم قال لها:
- تقبضين من وراء موت حسن دون أن أعرف؟ هل مات ضميرك ؟ قتلتِ حسن وعبد الكريم لتشتري بيتا بدماء أطفالنا؟ أي أم أنت يا عاهرة ؟ هجم عليها وهو يصرخ فمنعه المحققون ونقلوه للغرفة الأخرى؟؟
أعادوه بعد لحظات، كانوا يريدون استخدامه للضغط على سهام في غرفة التحقيق لتعترف بجريمتها .
- أنت قاتلة سنصادر منك الأموال ونعدمك، لكن يمكن أن نخفف عنك الحكم لو تعاونت معنا وشرحت كيف جرى الحادث .
- أرجوكم لا أريد أن أعدم خذوا كل الفلوس ودعوني أعيش ؟
على الفور بدأت تشرح لهم كيف كانت تقتل أولادها بيديها، حيث تضع على وجه كل منهما الحرام حتى لا يستطيع التنفس وتعود بعد دقائق لتجده ميتا بعد أن يكون قد اختنق وبعد أن تتأكد أنه توفي تتصل بسيارة الإسعاف .
اعترفت أنها فعلت ذلك بدون علم زوجها وأنها كانت تقتل الابن بعد أن تشتري له بوليصة تأمين على الحياة لتقبض المبلغ لتشتري به بيتا جميلا وسيارة كبقية الناس .
أنا مجرمة ، قالتها بصوت عال ، قتلت أطفالي بسبب المال ؟
انهار الزوج لما يسمع
جئنا إلى أمريكا لنبني لنا مستقبلا ، فإذا بنا نقتل أبناءنا من أجل الفلوس ؟؟
ما الذي أتى بي إلى هنا ؟؟ هل جئت لأدفن أطفالي وأدفن زوجتي وأدفن حبي ؟؟
أم تقتل أولادها بسبب المال ؟؟!! لا أصدق ! لا أصدق !!
رحمك الله يا حسن
رحمك الله يا عبد الكريم
أمكما قتلتكما من أجل حفنة من الدولارات .
طوال عمري وأنا أسمع أن الجنة تحت أقدام الأمهات ، ولأول مرة أسمع أن جهنم تحت أيديهن . سهام أنت طالق طالق طالق طالق طال... طا...