شيخ الزاوية القاسمية محمد المأمون القاسمي في حوار لـ”الخبر”
أدعو لـ”ميثاق الأخوّة المالكية الإباضية”
أفاد العلامة محمد المأمون القاسمي، شيخ الزاوية القاسمية بالهامل بولاية المسيلة، وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، في حوار خصّ به ”الخبر”، أنّ زيارته لمدينة الڤرارة، تُوِّجَت بالدعوة إلى ”ميثاق الأخوّة المالكية الإباضية” ينبثق عنه مجلس مشترك، يضمّ ممثّلين للفئتين من أهل الرأي الّذين يتحلّون بالحكمة ويحظون بالسُّمعة والمكانة الاجتماعية، ويكون الإطار الدائم للتّنسيق والتّشاور؛ والضمان لحسن التعايش والتعاون. علمنا أنّك تنقّلت إلى مدينة الڤرارة على إثر الأحداث الّتي شهدتها في الفترة الماضية. فهلاّ أعطيتنا فكرة عن هذه الزيارة ونتائجها؟ الباعث على هذه الزيارة هو ما يشغل بالنا من جرّاء الأحداث المؤلمة الّتي وقعت في مدينة الڤرارة، خلال الأيّام الماضية. وكان الهدف منها تهدئة النّفوس وإطفاء نار الفتنة، والعمل لترميم علاقات الأخوّة الّتي تجمَع سكان هذه المدينة، على اختلاف طوائفهم، بما يعيد الألفة إليهم، ويوثّق روابط التعاون وحسن التعايش بينهم. ومثلما أعلنت قبل الزيارة وبعدها، فإنّ هذا المسعى يكتسي طابعًا شخصيًا؛ ويندرج ضمن الرسالة التي تنهض بها الزاوية القاسمية منذ تأسيسها؛ ومن أهمّ شُعبها السعي لإصلاح ذات البين وجمع الكلمة وتأليف القلوب، والعمل لنشر السلام والوئام بين أفراد المجتمع، والمحافظة على وحدته وتماسكه. هل وجدتم تجاوبًا لدى الأطراف المعنية؛ وكيف كانت الاستجابة لمسعى الإصلاح بين الفريقين؟ من فضل اللّه عليّ أنّ علاقتي وثيقة بالعلماء وبكبار الرّجال والأعيان في مدينة الڤرارة. وروابط الأخوّة والمحبّة قديمة بين أسلافهم وبين شيوخ الزاوية القاسمية؛ سواء من هذه الفئة أو تلك. وقد وجدتُ لديهم جميعًا التّرحيب والحفاوة المعهودة. واستمعت من كلا الطرفين إلى شروح وافية لما جرى بالأمس القريب، ولرواسب الماضي البعيد، وتراكماته عبر السنين. وتحدّثت إليهم حديث النّاصح الأمين. وانصبّ حديثي على رأب الصّدع، ودرء شرور الفتنة، وإقامة جسور الحوار، والعمل لتجاوز آثار الأزمة، ووضع أسس صحيحة لتعايش دائم وتعاون مثمر بين السكان، يجسّد أخوّتهم الجامعة. فالأخوّة الإسلامية يترتّب عنها أن يكون الحبّ والسّلام والتعاون والوحدة هو الأصل في الجماعة المسلمة؛ وأن يكون الخلاف هو الاستثناء الّذي يجب أن يردّ إلى أصله فور وقوعه، محافظة على وحدة الجماعة، وتحصينا للمجتمع من عواقب التفكّك والخصام، تحت تأثير النزوات والاندفاعات. ما هي، في نظركم، الأسباب الّتي تثير مثل هذه الأحداث من حين إلى آخر؟ العوامل والأسباب متعدّدة. يعزوها البعض للانتماء العرقي، ويراها البعض في التعصب المذهبي. وقد يكون هذا أو ذاك. ولكن المحرّك في الغالب هي الأهواء والمصالح الدنيوية، فضلاً عن الأيدي الخفية؛ وقد يستغلّ البعض هذه الأحداث في استحقاقات وتنافسات ظرفية. وكلّها من مداخل الشّيطان ومكائده؛ وهو الذي قد ييأس من إرجاع الناس إلى الكفر بعد الإيمان، ولكنّه لا ييأس من التحريش بينهم، وإحداث الفرقة والخلاف في صفوفهم. وهو الذي يزيّن للناس التعصّب المقيت، وازدراء الآخرين، وتحقير المخالفين. والنفوس الضعيفة تغترّ بوعده وتتغذّى بأباطيله. ولذلك كنتُ دائمًا أذكّر بأنّ العصمة من كل انحراف أو انزلاق لا تكون إلاّ برُكْن الإسلام. فهو وحده الّذي يجمع القلوب المتنافرة. فأخوّة الإيمان تصغر إلى جانبها وتزول الأحقاد التاريخية والثارات القبلية والنعرات العرقية والدعوات العنصرية والنزعات الفردية والأطماع الشخصية. هداية الإيمان هي التي تزيل الضغائن من النفوس، وتطفئ نار الفتن والخصومات، وتحكم روابط الألفة والأخوة بين الناس، فتتجمّع صفوفهم بعد تفرّق، تحت لواء اللّه الواحد الأحد. تحت راية: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه. هل توصّلتم إلى نتيجة، بعد لقاءاتكم مع الطرفين؟ لقد تعدّدت اللّقاءات يوم الجمعة الماضي (التالي للأحداث). بدأتها في ساعة مبكّرة، واستمرّت إلى اللّيل. كان النّقاش هادئًا والحوار هادفًا. وكان الجميع يتحلّى بالحكمة والشعور بالمسؤولية. أمّا بشأن الفئة القليلة التي أظهرت تشدّدًا في الموقف، وكانت ترفض الذهاب إلى جلسات الحوار من أجل عقد الصُّلح، فقد اقتنعوا، بتوفيق اللّه، واستجابوا للمسعى، وهكذا وافق الجميع على الجنوح للصُّلح، والعودة إلى الحياة الطبيعية التي كانت تسود سكّان المدينة، قبل الأحداث. وهنا أودّ أن أخلص إلى أهمّ ما توّج هذه اللقاءات. ألاَ وهي الدعوة إلى إيجاد إطار كفيل بضمان التعايش والتعاون وحسن الجوار. لقد قلتُ للجميع: ”نحن بصدد معالجة الأزمة، ومحو آثارها، والعمل لاستتباب الأمن والنظام، واسترجاع الهدوء والاستقرار؛ وهو ما تعمل من أجله مؤسّسات الدولة وأجهزتها المختصّة؛ وسيتحقّق عاجلا، إن شاء اللّه، بفضل تعاون الجميع. ولكنّنا هنا بحاجة إلى حلّ دائم، والحلّ المنشود تصنعونه بأنفسكم، حين تصدق النيات، وتجتمع العزائم على إرساء قواعد صحيحة لتعاون مثمر وتعايش دائم لا تعصف به الأنواء، ولا الميول أو الأهواء”. وتحقيقًا لهذا الهدف، اقترحتُ أن يتوافق الجميع ويتعاهدوا على ميثاق للأخوّة المالكية الإباضية، يحترمه الجميع، ويلتزم به الجميع. يستند إلى قواعد شرعية ومعايير أخلاقية؛ وينبثق عنه مجلس مشترك، يضمّ ممثّلين للفئتين من أهل الرأي الّذين يتحلّون بالحكمة ويحظون بالسُّمعة والمكانة الاجتماعية. ويكون المجلس الإطار الدائم للتنسيق والتشاور؛ كما يكون الضمان لحسن التعايش والتعاون. وقد لمستُ ترحيبًا بهذا المقترح لدى الجميع، وتثمينًا لأهدافه البعيدة، باعتباره يشكّل الأداة المثلى للتواصل والحوار المثمر، ولتوثيق روابط الأُخوّة والمحبّة، ودوام العيش الهنيء في سلام ووئام.
شيخ الزاوية القاسمية محمد المأمون القاسمي في حوار لـ”الخبر” أدعو لـ”ميثاق الأخوّة المالكية الإباضية” أفاد العلامة محمد المأمون القاسمي، شيخ الزاوية القاسمية بالهامل بولاية المسيلة، وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، في حوار خصّ به ”الخبر”، أنّ زيارته لمدينة الڤرارة، تُوِّجَت بالدعوة إلى ”ميثاق الأخوّة المالكية الإباضية” ينبثق عنه مجلس مشترك، يضمّ ممثّلين للفئتين من أهل الرأي الّذين يتحلّون بالحكمة ويحظون بالسُّمعة والمكانة الاجتماعية، ويكون الإطار الدائم للتّنسيق والتّشاور؛ والضمان لحسن التعايش والتعاون. علمنا أنّك تنقّلت إلى مدينة الڤرارة على إثر الأحداث الّتي شهدتها في الفترة الماضية. فهلاّ أعطيتنا فكرة عن هذه الزيارة ونتائجها؟ الباعث على هذه الزيارة هو ما يشغل بالنا من جرّاء الأحداث المؤلمة الّتي وقعت في مدينة الڤرارة، خلال الأيّام الماضية. وكان الهدف منها تهدئة النّفوس وإطفاء نار الفتنة، والعمل لترميم علاقات الأخوّة الّتي تجمَع سكان هذه المدينة، على اختلاف طوائفهم، بما يعيد الألفة إليهم، ويوثّق روابط التعاون وحسن التعايش بينهم. ومثلما أعلنت قبل الزيارة وبعدها، فإنّ هذا المسعى يكتسي طابعًا شخصيًا؛ ويندرج ضمن الرسالة التي تنهض بها الزاوية القاسمية منذ تأسيسها؛ ومن أهمّ شُعبها السعي لإصلاح ذات البين وجمع الكلمة وتأليف القلوب، والعمل لنشر السلام والوئام بين أفراد المجتمع، والمحافظة على وحدته وتماسكه. هل وجدتم تجاوبًا لدى الأطراف المعنية؛ وكيف كانت الاستجابة لمسعى الإصلاح بين الفريقين؟ من فضل اللّه عليّ أنّ علاقتي وثيقة بالعلماء وبكبار الرّجال والأعيان في مدينة الڤرارة. وروابط الأخوّة والمحبّة قديمة بين أسلافهم وبين شيوخ الزاوية القاسمية؛ سواء من هذه الفئة أو تلك. وقد وجدتُ لديهم جميعًا التّرحيب والحفاوة المعهودة. واستمعت من كلا الطرفين إلى شروح وافية لما جرى بالأمس القريب، ولرواسب الماضي البعيد، وتراكماته عبر السنين. وتحدّثت إليهم حديث النّاصح الأمين. وانصبّ حديثي على رأب الصّدع، ودرء شرور الفتنة، وإقامة جسور الحوار، والعمل لتجاوز آثار الأزمة، ووضع أسس صحيحة لتعايش دائم وتعاون مثمر بين السكان، يجسّد أخوّتهم الجامعة. فالأخوّة الإسلامية يترتّب عنها أن يكون الحبّ والسّلام والتعاون والوحدة هو الأصل في الجماعة المسلمة؛ وأن يكون الخلاف هو الاستثناء الّذي يجب أن يردّ إلى أصله فور وقوعه، محافظة على وحدة الجماعة، وتحصينا للمجتمع من عواقب التفكّك والخصام، تحت تأثير النزوات والاندفاعات. ما هي، في نظركم، الأسباب الّتي تثير مثل هذه الأحداث من حين إلى آخر؟ العوامل والأسباب متعدّدة. يعزوها البعض للانتماء العرقي، ويراها البعض في التعصب المذهبي. وقد يكون هذا أو ذاك. ولكن المحرّك في الغالب هي الأهواء والمصالح الدنيوية، فضلاً عن الأيدي الخفية؛ وقد يستغلّ البعض هذه الأحداث في استحقاقات وتنافسات ظرفية. وكلّها من مداخل الشّيطان ومكائده؛ وهو الذي قد ييأس من إرجاع الناس إلى الكفر بعد الإيمان، ولكنّه لا ييأس من التحريش بينهم، وإحداث الفرقة والخلاف في صفوفهم. وهو الذي يزيّن للناس التعصّب المقيت، وازدراء الآخرين، وتحقير المخالفين. والنفوس الضعيفة تغترّ بوعده وتتغذّى بأباطيله. ولذلك كنتُ دائمًا أذكّر بأنّ العصمة من كل انحراف أو انزلاق لا تكون إلاّ برُكْن الإسلام. فهو وحده الّذي يجمع القلوب المتنافرة. فأخوّة الإيمان تصغر إلى جانبها وتزول الأحقاد التاريخية والثارات القبلية والنعرات العرقية والدعوات العنصرية والنزعات الفردية والأطماع الشخصية. هداية الإيمان هي التي تزيل الضغائن من النفوس، وتطفئ نار الفتن والخصومات، وتحكم روابط الألفة والأخوة بين الناس، فتتجمّع صفوفهم بعد تفرّق، تحت لواء اللّه الواحد الأحد. تحت راية: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه. هل توصّلتم إلى نتيجة، بعد لقاءاتكم مع الطرفين؟ لقد تعدّدت اللّقاءات يوم الجمعة الماضي (التالي للأحداث). بدأتها في ساعة مبكّرة، واستمرّت إلى اللّيل. كان النّقاش هادئًا والحوار هادفًا. وكان الجميع يتحلّى بالحكمة والشعور بالمسؤولية. أمّا بشأن الفئة القليلة التي أظهرت تشدّدًا في الموقف، وكانت ترفض الذهاب إلى جلسات الحوار من أجل عقد الصُّلح، فقد اقتنعوا، بتوفيق اللّه، واستجابوا للمسعى، وهكذا وافق الجميع على الجنوح للصُّلح، والعودة إلى الحياة الطبيعية التي كانت تسود سكّان المدينة، قبل الأحداث. وهنا أودّ أن أخلص إلى أهمّ ما توّج هذه اللقاءات. ألاَ وهي الدعوة إلى إيجاد إطار كفيل بضمان التعايش والتعاون وحسن الجوار. لقد قلتُ للجميع: ”نحن بصدد معالجة الأزمة، ومحو آثارها، والعمل لاستتباب الأمن والنظام، واسترجاع الهدوء والاستقرار؛ وهو ما تعمل من أجله مؤسّسات الدولة وأجهزتها المختصّة؛ وسيتحقّق عاجلا، إن شاء اللّه، بفضل تعاون الجميع. ولكنّنا هنا بحاجة إلى حلّ دائم، والحلّ المنشود تصنعونه بأنفسكم، حين تصدق النيات، وتجتمع العزائم على إرساء قواعد صحيحة لتعاون مثمر وتعايش دائم لا تعصف به الأنواء، ولا الميول أو الأهواء”. وتحقيقًا لهذا الهدف، اقترحتُ أن يتوافق الجميع ويتعاهدوا على ميثاق للأخوّة المالكية الإباضية، يحترمه الجميع، ويلتزم به الجميع. يستند إلى قواعد شرعية ومعايير أخلاقية؛ وينبثق عنه مجلس مشترك، يضمّ ممثّلين للفئتين من أهل الرأي الّذين يتحلّون بالحكمة ويحظون بالسُّمعة والمكانة الاجتماعية. ويكون المجلس الإطار الدائم للتنسيق والتشاور؛ كما يكون الضمان لحسن التعايش والتعاون. وقد لمستُ ترحيبًا بهذا المقترح لدى الجميع، وتثمينًا لأهدافه البعيدة، باعتباره يشكّل الأداة المثلى للتواصل والحوار المثمر، ولتوثيق روابط الأُخوّة والمحبّة، ودوام العيش الهنيء في سلام ووئام.