يعتبر الربيع من أفضل الفصول خلال السنة نظرا لمناخه المعتدل، وهو مرحلة انتقالية بين الشتاء والصيف، تتفتح فيه الأزهار ويعتدل الجو بين البارد والحار، وشهر ماي هو القاسم المشترك بين الربيع والصيف، وتنبت فيه الكثير من النباتات وتخضر فيه الأعشاب وأغصان الأشجار، وقد وجدت منها بعض المناطق الريفية جنوب المدية طريقة للتداوي، غير أن نساء هذه المناطق لا يستغنين عن عادة "جمع أعشاب" ماي أو ما يطلق عليها اسم "المحاريم" وهي طقوس قديمة توارثنها عن الجدات.
وتعني "المحاريم" حسب إحدى العجائز بمنطقة بوغار، جلب الحظ والحرمة للمرأة وجعلها محظوظة من خلال تجفيف بعض أوراق أغصان الأشجار، وبعض النباتات والأعشاب والاستحمام بالماء الذي تغلي فيه وهذا خلال الصيف.
ويعتقد حسب السيد عبد القادر، وهو مختص في التاريخ، أن هذه العادة تعود إلى السكان الرومان القدامى في المنطقة كمنطقة سانق، وخربة السيوف، ومفاتحة ومناطق ناحية بلدية مجبر ودائرة سغوان، حيث كانت المرأة تتعلق بالطبيعة وتمارس طقوسا من خلال جمع الأعشاب.
وقالت السيدة عائشة، حول عادة "المحاريم" إن هذه الأعشاب والتي تجمع خاصة خلال النصف الأخير من شهر ماي، تجفف في القديم فوق القرميد وتوضع في أكياس "خيش" ومنها من يستعمل كشراب للتداوي من البرد والسعال، أو أي أمراض معدية أخرى ومنها ما تستعمل المرأة خاصة للاستحمام بالماء الذي تغلى فيه وهو أيضا يعتبر علاجاً من أمراض جلدية أو وسيلة لحفاظ المرأة على رطوبة جلدها.
كما تتفاءل بعض الشابات حسبها بالاغتسال بماء "أعشاب ماي" لجلب الحظ والزواج.
و"المحاريم" حسب السيدة عائشة، تتميز بها نسوة المناطق الريفية والجبلية منذ عهد الاستعمار وهي عادة لا تزال تحافظ عنها بعض العائلات رغم أنها عرفت تراجعا خلال فترة العشرية السوداء نظرا لخوف سكان المناطق من الخروج إلى الغابات ومناطق تواجد الأعشاب وهي المناطق التي لم تكن آمنة.
وتعمل بعض الجمعيات ذات الطابع التراثي والاجتماعي والتاريخي في منطقة قصر البخاري جنوب المدية، وبعض البلديات المجاورة لها، على إحياء الاحتفالات الشعبية المحلية للمنطقة خاصة تلك التي كانت تعرفها مناطق كحناشة خلال فصل الربيع واحتفالات موسم الحصاد شهر ماي.
وشهدت مناطق جنوب المدية مؤخرا الكثير من "الوعدات" كوعدة سيدي علي ببلدية بوغار، وهي وعدات تتزامن مع شهر ماي حيث تحضر قصاع الكسكس واللحم وما يعرف بـ"الرفيس" وبعض الأطباق المحضرة من الاعشاب، كالزعتر والحلحال، و"القرنينة" وغيرها من نباتات وأعشاب جنوب المدية