رحلة رانيا علواني من ((المايوه))
إلى الحجاب
مسلمو أمريكا وراء
اعتزالي وارتدائي للحجاب
مهما ران على واقع المسلمين من تفسخ وبعد عن الدين فإن
المسلم أياً كان مستوى تدينه يظل بداخله خير كثير يحتاج إلى من يبحث عنه ويستخرجه.
رحلة الممثلات والراقصات والمغنيات إلى عالم الهداية خير دليل على ذلك. فالشهرة
التي يعشنها والأضواء الباهرة التي تغمرهن تحجب خلفها أكداساً من البؤس والشقاء
والجدب الروحي.
آخر المنتقلات من عالم الشهرة إلى طريق الهداية السباحة
العالمية (رانيا علواني ) التي عرفتها معظم حمامات السباحة في العالم تنتقل بينها
بلباس البحر (المايوه) وتغمرها فلاشات آلات التصوير في الصحف ومحطات التلفاز
اعتبروها ثروة قومية فأرسلوها إلى أمريكا لمزيد من التدريب حتى تحتل المركز الأول
على مستوى العالم، وبعد 5 سنوات عادت بالمركز الأول بين السباحات في عالم الإيمان،
فقد اعتزلت السباحة وارتدت الحجاب، فانطلقت صوبها سهام شياطين الإنس وأقلام السوء
يعايرونها بما أنفقته الدولة عليها – بئس الإنفاق – ويصادرون حقها في أن تعيش
امرأة مسلمة.
الغريب أن رانيا لم تهتد على يد أحد الدعاة في مصر ممن
يُتهمون بالدعوة بين الفنانات لمحاربة الفن! بل على يد أسرة مسلمة مهاجرة تعيش في
أمريكا وتلك واقعة تحتاج إلى تمحيص.
فالحقيقة أن هناك أسراً مسلمة في الغرب تمثل نماذج مضيئة
للمسلمين من حيث الالتزام والعلم والقدوة والدعوة مما يغري الكثير من الغربيين
باعتناق الإسلام اقتداء بهذه النماذج.
وليس سراً أن الفضل في أن الإسلام هو أكثر الأديان في
أمريكا انتشاراً يرجع للكثير من هؤلاء المسلمين الذين يقدمون المثل والقدوة بشكل
يحبب الأمريكيين في الإسلام فيقرأوا عنه ويعتنقوه. ومن هؤلاء كانت الأسرة التي
استفادت منها السباحة المصرية رانيا علواني في معرفة الكثير عن دينها واتجهت للبس
الحجاب.
فبعد أن كانت أخبارها ملء السمع والبصر باعتبارها أشهر
سباحة عربية تحصل على عشرات الميداليات الأولمبية، اختفت أخبار (رانيا علواني) من
الصفحات الرياضية وتفرغت – برغبتها – لحياتها العلمية (دراسة الطب) وحياتها
الشخصية بعيداً عن ضجيج الشهرة وفلاشات التصوير ولبست الحجاب.
قصة حجاب واعتزال رانيا علواني لم تكن مفاجأة للمقربين
منها وخصوصاً بعض الأسر المسلمة الأمريكية الصديقة لرانيا التي كان لها دور كبير
في التأثير على سلوك رانيا.
ومع ذلك فقد أثار قرار أشهر سباحة مصرية حصلت على 77
ميدالية على المستوى الدولي والإفريقي والعربي وتم تصنيفها ضمن أفضل 11 سباحة في
سباق 100متر على مستوى العالم (الفارق بينها وبين أفضل سباحة في العالم هو 22% من
الثانية)، استغراب الأوساط الرياضية المصرية.
فبعضهم استقبل القرار بموضوعية واقتنع بحق رانيا في
قرارها
وبعضهم الآخر سن السكين لرانيا وبدأ التقطيع في سيرتها
زاعماً أنها أصبحت عجوزاً على السباحة رغم أنها لم تتجاوز 23 ربيعاً(!)
أو أنها ناكرة لجميل مصر بعد إنفاق ملايين الدولارات
عليها ثم اعتزالها فجأة.
يبدو أن هجوم الصحافة المصرية عليها وهجوم بعض النقاد
الرياضيين عليها دفعها لرفض الحديث عن سبب اعتزالها ورفض كل محاولات الحوار الصحفي
معها
إلا أن رانيا وافقت في النهاية على إجراء هذا الحوار مع
(الأسرة) لتكشف سر اعتزالها وارتداء الحجاب.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* لماذا قرار الاعتزال والحجاب الآن؟
أرتديت الحجاب عن اقتناع تام وقررت الاعتزال برغبتي،
وأقدمت على هذا القرار بعد أن حققت إنجازات رياضية لن تحققها سباحة عربية قبل 20
عاماً على الأقل، وقد تحقق ذلك وأنا في سن صغيرة، وكان من الممكن أن أحقق إنجازات
أكثر لو استمريت ولكني اعتزلت. وقد شجعتني والدتي على ارتداء الحجاب.
* يقولون إن رانيا علواني تحولت
من فتاة تلبس المايوه إلى شيخة، ما رأيك؟
الفكرة كانت تراودني منذ سنوات، وقد عزمت النية على
الاعتزال والحجاب منذ عام مضى وقراري كان بعد دورة سيدني الأولمبية الأخيرة.
وبصراحة اعتزلت لأنني قررت ارتداء الحجاب، ثم إن والدتي محجبة ونحن نحافظ على الصلوات
وقراءة القرآن. وفي أثناء وجودنا في الولايات المتحدة في السنوات الخمس الماضية
تعرفنا على أسر عربية مسلمة كثيرة، منها أسرة سورية وطدت علاقتها معنا، فكنا نذهب
إلى المسجد الوحيد في مدينة (دالاس) للصلاة وتعلم التجويد وعلوم الدين، وهذه أجمل
فترات حياتي. وعندما عدت إلى القاهرة بدأت أبحث عن مسجد في المهندسين مقر سكني –
أحد ضواحي القاهرة – لمواصلة تعلم علوم القرآن والتجويد.
* هل صحيح أن مسلمي أمريكا وراء
حجابك؟
بصراحة المسلم في أمريكا قدوة وصورة ممتازة للإسلام وهو
ما يساهم في إقبال الأمريكيين والأمريكيات على اعتناق الإسلام، وقد ساعد كل ذلك
على إقناعي بالحجاب.
كنت أعرف أن (المايوه) حرام في فترة مزاولتي السباحة،
ولكني كنت أحب السباحة والشهرة والأضواء وملاحقة الصحف ومحطات التلفزيون، كما أنه
لم يكن بجواري من يُحيي التزامي الديني في نفسي، وتوجيهي نحو الدين، وقد توفر ذلك
في أمريكا عبر الأسر المسلمة التي أختلط بها.
فكثير من المسلمين في أمريكا قدوة وسلوكياتهم تشجع غيرهم
على اعتناق الإسلام، وقد حضرت إلى مصر مؤخراً إحدى الفتيات الأمريكيات اللاتي
اعتنقن الإسلام وتتعلم الآن العربية، وقالت لي إنها أقبلت على الإسلام بسبب سلوكيات
المسلمين هناك وقراءتها لمعاني القرآن الكريم بالإنجليزية.
* هل انتقد أحد منهم ممارستك
للسباحة وارتداء المايوه؟
بالعكس.. فهم يؤمنون بالإقناع، ولا يؤمنون بإلقاء
الأوامر فقط ، لأن الاقتناع بالحجاب أو غيره أفضل من تلقي الأوامر. وبعد الحجاب
لاقيت تشجيعاً أكثر على لبس الحجاب عبر اقتناع ودون إجبار.
* هناك شائعات أن وراء اعتزالك
مشروع زواج أو علاقة عاطفية؟
لا يوجد مشروع زواج الآن ، ومشروعي المهم الآن هو
استكمال الدراسة. ولنفترض – وهذا غير صحيح- أن وراء قرار الحجاب ما وراءه فهل هذا
عيب، الناس دائماً مشغولة بالأسباب وراء قرارات الآخرين الصائبة، وأقسم إن قراري
بالحجاب لا يقف وراءه إلا الاقتناع التام بضرورة ارتداء الفتاة المسلمة للحجاب.
* هل اكتفيت بلبس الحجاب أم أن
هناك خطوات أخرى لبناء ثقافتك الدينية؟
أنا أستمع لشرائط العلماء، وأقرأ في بعض الكتب الدينية
التي توجه المسلم نحو السلوك القويم، وتبصره بشؤون الدين مثل رياض الصالحين وفقه
السنة، وما إلى ذلك.
وقد ظللت فترة أبحث عن مسجد لتلقي الدين به مثل المسجد
الذي كنت أذهب إليه في أمريكا وأتعلم فيه القرآن وعلوم الدين.
* ما هي مشروعاتك بعد ارتداء
الحجاب؟ وهل يمكن أن تعودي للسباحة؟
أريد استكمال دراستي للطب، ولن أضحي بمستقبلي من أجل شيء
آخر، وأنا أتمنى التفوق في دراسة الطب والحصول على الدكتوراه، وأنا الآن في السنة
الرابعة، ولن يستفزني أحد للرجوع عن قراري النهائي ، أنا أحب دراسة الطب، واعتزلت
السباحة للتفرغ له.
* بماذا تحلم (( رانيا
علواني))؟
أن أكون قدوة حسنة للفتاة المسلمة، وأن ينصر الله
المدافعين عن المسجد الأقصى في فلسطين، وأدعو الله أن يثبتني على قراري النهائي
بالاعتزال وارتداء الحجاب.
* هل تتابعين أخبار الانتفاضة؟
ما يسيطر على وجداني ، ووجدان كل فتاة وأم عربية ومسلمة
المآسي التي يتابعها العالم من خلال شاشات التلفزيون لما يتعرض له الشعب الفلسطيني
من مجازر بشعة على يد الصهاينة، وأدعو الله تعالى أن يوفق المسلمين لنصرة
الفلسطينيين الذين يدافعون عن الحرم القدسي الشريف، ويدفعون أرواحهم فداء الأقصى
الشريف.