- والدته صارعت الموت في صمت وهكذا ضحت لتمنح "الخضر" حارسا متميزا
تنفرد "الشروق" في هذا الموضوع بالكشف عن عديد الأسرار التي تخص الحارس الأول للمنتخب الوطني رايس وهاب مبولحي، أحد أهم الركائز الأساسية في تشكيلة "الخضر"، وهي الحقائق والشهادات التي توصلنا إلى معرفتها من محيطه العائلي بمدينة مغنية وفرنسا، تحديدا مع جدته التي لم تبخل علينا بحديث جد خاص تناولت من خلاله العديد من الحقائق المثيرة والمحزنة في حياة بطل صنع فرحة الجزائريين في الملاعب، على حساب فرحته التي افتقد طعمها منذ ولادته.
[rtl] فهو الطفل الذي لم ينطق بكلمة أبي ولم يعرف معنى لها، قبل أن تغادره والدته أيضا وهو لا يزال في عز شبابه، مخلفة وراءها "رايس"، هذا الشاب الذي عرف كيف يحول حزنه إلى انتصار ليوثق بذلك تاريخه الكروي بكثير من العزيمة والتحدي، مكرسا بذلك المقولة: "العظمة تخرج من رحم المعاناة".[/rtl]
شكلت التصريحات التي أدلى بها حارس المنتخب الوطني رايس وهاب مبولحي لوسائل إعلام فرنسية وأمريكية، والتي كانت بمثابة رد فعل عن أسئلة استفزازية تعلقت بالأساس اختياره اللعب في صفوف منتخب بلد لا يعرفه ولم يزره من قبل، إحدى أهم القناعات الشخصية لوهاب رايس الذي رد قائلا: "أنا ألعب للجزائر لأنها بلد أمي"، دون أن يضيف أي توضيحات أخرى لسائليه من ممثلي وسائل الإعلام الغربية. وهي التصريحات التي استقبلها جمهور واسع من محبي وأنصار "الخضر" بكثير من الافتخار والاعتزاز، تقديرا منهم لمدى تعلق نجم الخضر بجذوره وأصوله الجزائرية .
رايس.. وفرحة لاعب لم تكتمل
هذا اللاعب الذي عانى كثيرا من العنصرية التي لاحقته عبر ميادين اللعب وخارجها في شوارع مدن اليونان (لعب لفريقي إتنيكوس بيراوس وبانيتوليكوس ما بين 2006 و2008)، كما سبق أن كشف عن ذلك في تصريح لجريدة رياضية فرنسية، حيث كان ينعته عنصريون "بالأسود القذر"، عانى أيضا ولا يزال يعاني من حالة الوحدة التي يعيشها منذ وفاة والدته في أوت 2010، وهو ما يكشف حجم المعاناة والتحديات التي كان مطالبا بتجاوزها لتحقيق ما كانت تحلم به والدته عائشة وهاب كعربون وفاء وردا للجميل لأم كافحت وناضلت لتصنع منه نجما رياضيا داخل المستطيل الأخضر، لترحل عن الحياة في لحظة كان فيها رايس قد التحق لتوه بزملائه، مخلفة وراءها صدمة نفسية لم يكن ينتظرها، وهو الذي كان يأمل أن تشاهد والدته تألقه الباهر في المباريات التي كان سيخوضها مع الخضر.
إلا أن وفاتها المفاجئة والتي جعلتها حسبما كشفت عنه جدته الحاجة فاطمة شيباني في تصريح حصري لـ "الشروق" تخفي عن ابنها رايس مراحل تأزم حالتها الصحية بعد إصابتها بسرطان على مستوى المعدة، لا لشيء إلا من أجل مصلحة ابنها الذي كان بحاجة ماسة في تلك الفترة لمساندة وتشجيع من طرف الجميع خاصة من التي عملت طوال حياتها على أن تجعل منه لاعب كرة قدم متميزا. وهي الحقائق والشهادات التي تمكنا من الوصول إليها والتي تعد الأولى من نوعها من طرف محيطه العائلي، سواء هنا بمدينة مغنية أم في مكان إقامته بفرنسا وتحديدا بمدينة آنيار القريبة من العاصمة الفرنسية بارس.
والد رايس كونغولي مسلم ووالدته ربته تربية جزائرية
حارس مرمى الخضر الذي لم يسبق له أن زار مسقط رأس والدته بمغنية لأسباب أشار بشأنها أحد أقربائه بمغنية السيد عبد الحفيظ بن تناح، في لقاء جمعه بـ "الشروق"، تعود أصلا إلى انقطاع والدته عن زيارة مغنية بعدما كانت تفضل قضاء عطلتها الصيفية بشواطئ بورساي لتنقطع بعد ذلك نهائيا في تسعينات القرن الماضي، متفرغة لتربية ابنها الذي أنجبته بعد زواجها من أحد مسلمي الكونغو، غير أن هذا الزواج لم يكتب له النجاح لينفصل الزوجان قبل ولادة رايس الذي كانت الفقيدة عائشة حاملا به، هذه الأم التي سعت منذ ميلاده إلى تربيته تربية جزائرية تقليدية ورثتها عن والدتها الحاجة فاطمة، حيث لا تزال عائلته الكبيرة من أمه ينتظرون بفارغ الصبر اللحظة التي يمكن فيها رؤية ابنهم رايس وهاب.
كما أعرب عن ذلك عمي عبد الحفيظ الذي أكد أنه توجه إلى ملعب تشاكر بالبليدة أكثر من مرة كلما أجريت مقابلات للمنتخب الوطني للقائه والتعبير له عن مدى افتخارهم واعتزازهم بالمستوى الكبير الذي وصل إليه وجعل من عائلة والدته بمغنية ترفع رأسها عاليا فخورة بهذا الابن، حيث لا يزال ـ يقول عمي عبد الحفيظ ـ كل سكان مغنية وتلمسان وليس فقط محيط عائلته الكبيرة ينتظرون تلك اللحظة التي ستطأ فيها أقدام مبولحي مدينة الحاجة "لالة مغنية"، المدينة التي أنجبت عائشة والتي يعود لها الفضل الكبير في أن تمنح الجزائر حارس مرمى أثبت بفضل تحديه وإصراره وعزيمته علو كعبه ضمن قائمة طويلة من الحراس الدوليين.
عائشة.. الأم التي ضحت لتمنح الجزائريين بطلا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وصول وهاب رايس مبولحي إلى هذه المكانة لم يأت من عدم وإنما بفضل والدته الراحلة عائشة وهاب، التي أنفقت كل مدخراتها مخصصة له جل راتبها الشهري الذي كان يتراوح ما بين 5000 و6000 أورو كونها كانت تشغل منصب إطار سام بأحد البنوك الفرنسية، كما كشفت عن ذلك والدتها وجدة رايس في حديثها الذي خصت به "الشروق"، مشيرة إلى أن تصريحات مبولحي في كونه يلعب للجزائر من أجل والدته ليست اعتباطية وإنما حقيقة ضحت من أجلها والدته التي بدأت رعايتها له منذ نعومة أظافره واكتشافها أن رايس أقبل على ممارسة الرياضة منذ صغره.
من الملاكمة إلى حراسة المرمى
مبولحي الذي عملت والدته رفقة أخواله ـ تقول الحاجة فاطمة ـ على تكوينه رياضيا بمساعدة أخواله عبد الحميد ومصطفى اللذين كانا يسيران ناديا رياضيا للرياضات الجماعية والفنون القتالية في باريس وتحديدا في المدينة التي كان يقيم فيها رايس، ليلتحق بذلك بعدة رياضات منها الملاكمة، قبل أن يختار في النهاية ممارسة كرة القدم وتحديدا حراسة المرمى، لتنقله والدته إلى ناد كروي يهتم بالناشئين بمرسيليا وبعدها إلى مدرسة متخصصة بلندن أين تكفلت والدته بجميع المصاريف إلى أن تم اكتشافه من قبل المدرب الأسبق للخضر رابح سعدان بعد مروره عبر العديد من الأندية الكروية بوساطة من طرف رابح والد اللاعب الدولي السابق كريم زياني.
والد زياني يفتح لرايس أبواب "محاربي الصحراء"
كشف أحد أقارب مبولحي بفرنسا، في اتصال بـ "الشروق" أن اكتشاف موهبة الحارس تعود إلى والد زياني كريم الذي نقله من نادي راسينغ كولومب إلى أولمبيك مارسيليا بعدما اقتنع بمهاراته الكروية كونه حارس مرمى، قبل أن يعرضه على المنتخب الجزائري ويخضع لتجارب وعمليات معاينة من قبل الطاقم الفني المشرف على المنتخب يتقدمهم في ذلك رابح سعدان الذي تنقل إليه خصيصا لمعاينته. وقد كان لوالدته عائشة الدور الكبير في التحاق ابنها بالخضر نظرا إلى علاقة الصداقة التي كانت تجمعها مع والد كريم زياني، ليخوض بعد ذلك تجربة متميزة وكسب ثقة الطاقم الفني وتحول بعد ذلك إلى أحد الركائز الأساسية داخل تشكيلة محاربي الصحراء.
مبولحي يكره الكسكسي ويحب البطاطس والدجاج المحمّر
وهاب مبولحي، الذي تحن إليه اليوم جدته الحاجة فاطمة وتشتاق إلى رؤيته، كشفت عن تلك الذكريات الجميلة التي كانت تربطها بوحيد ابنتها، مسترجعة شريط ذكرياتها مع رايس الذي كان ـ تقول الحاجة فاطمة وهي تبكي ـ لا يفارقها طيلة طفولته المبكرة، حيث كان يظل برفقتها للتسوق ويقضي يومياته إلى جانبها إلى أن اشتد عوده، حيث لم تحرمه من أي شيء خاصة ما تعلق بالأطعمة التي كان يفضل أكلها، كاشفة أن رايس كان عاشقا لأكلة البطاطس المحمرة والدجاج المحمر، وكان لا يحب أكل الكسكسي، حيث كان يرفض جلبه لجدته من السوق كلما طلبت منه الفقيدة عائشة ذلك، مبديا انزعاجه وعدم رضاه كلما كان الكسكسي سيد المائدة.
قطيعة بين مبولحي وعائلته وجدته تصرخ:
"توحشتو.. فيه رائحة ابنتي... قولوا لروراوة أن يطلب منه الاتصال بي"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الحاجة فاطمة التي تتذكر بمرارة هذه الذكريات تتمنى فقط رؤية وحيد ابنتها مجددا بعدما كشفت بكل أسف وهي تبكي أنها لم تره منذ وفاة والدته حتى إنها لا تعلم بزواجه، وتفاجأت عندما أخبرناها بأنه رزق بمولوده الأول، قائلة: "توحشتو... فيه رائحة ابنتي عائشة" لتنهمر بعد ذلك دموعها، مضيفة وهي تبكي بكلمات متقطعة: "أرجو من "الشروق" إبلاغه سلامي... وقولو لروراوة أن يطلب من وهاب أن يتصل بي، ابني رايس قاطعني منذ وفاة والدته".
وعندما حاولنا الاستفسار عن سبب مقاطعة رايس لجدته أكدت على أنها لا تعرف السبب وكلما تعرفه هو أن رايس ولدى عودته من فرنسا بعد وفاة والدته انعزل عن محيطه نهائيا وأغلق الشقة التي تملكها والدته ولا يرغب من أي أحد من أفراد عائلته دخولها، كما قام بركن سيارتها وطالب بعدم التصرف فيها، حيث شكلت وفاة والدته صدمة حقيقية أثرت على نفسيته وجعلته لا يتصل بأحد باستثناء خالته بالبرتغال.
رايس آخر من علم بمرض أمه ووفاتها
وفي سياق حديثها إلينا، كشفت الحاجة فاطمة أن ما تألم له كثيرا رايس هو أن والدته أخفت عنه إصابتها بمرض السرطان، خاصة بعد تأزم وضعها الصحي وإصرارها على إخفاء حقيقة مرضها عنه حتى يهتم بمستقبله الرياضي، خصوصا بعد آخر اتصال له بها لدى تواجده بمعسكر الخضر بمركز سيدي موسى بالجزائر العاصمة، حيث شعر من خلال صوتها في الهاتف أنها ليست على ما يرام وأخبرها أنه سيترك التربص للمجيء إليها إن كانت بحاجة إلى تواجده قربها، إلا أنها ادعت أنها بخير وما تعانيه مجرد وعكة خفيفة، محذرة جميع أقاربه وأصدقائه وعائلته، ممن يتواصلون معه هاتفيا، من إخباره بخطورة وضعها الصحي، إلى أن لفظت أنفاسها أواخر شهر جويلية 2010 متأثرة بمرضها، حيث لم يصله خبر الوفاة إلا عن طريق رسالة هاتفية قصيرة من قبل ابن خاله، لينعزل بعدها في غرفة الفندق رافضا الحديث مع أي كان، قبل أن يطالب خاله عبد الحميد بتأجيل دفنها إلى غاية رجوعه، لكنه عندما عاد إلى فرنسا، تقول الحاجة فاطمة، لم يتوقف عن البكاء والصراخ في وجه أفراد عائلته بسبب إخفائهم مرض أمه عنه.
رحيل الأم عائشة.. الصدمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ودخل حارس الخضر بعدها في حالة نفسية صعبة لا تزال آثارها إلى حد الساعة بادية على ملامحه، وكأنه يريد من خلال إصراره وعزيمته إيصال رسالة واضحة على أنه يسعى إلى إثبات ذاته وتحدي جميع الصعوبات كيفما كانت، وقد تجلى ذلك مباشرة بعد وفاة والدته وتلك الحرارة التي يدافع بها عن مرمى المنتخب الوطني ونظراته الحادة التي تكشف من جانب آخر قصة حارس مرمى من صنع امرأة جزائرية ضحت بشبابها من أجله لتغادر الحياة وهي لم تتجاوز 46 سنة، مخلفة وراءها قصة مؤلمة لشاب من أصول جزائرية تنكر له والده الكونغولي، فلم يجد إلا حضن امرأة تنازلت عن حقها في الحياة للوصول به إلى النجومية ليبقى وهاب رايس مبولحي أحد الوجوه الكروية التي لا تزال تؤدي مشوارا رياضيا متميزا يعد بمستقبل واعد.
جدة مبولحي تطالب السلطات بسكن كريم ونقل رفاة ابنتها إلى مغنية
[rtl]انتهزت جدة رايس وهاب مبولحي المقيمة بفرنسا، حديثنا معها لتوجه رسالة إلى السلطات الجزائرية، على رأسها والي تلمسان، لمطالبته بنقل رفاة ابنتها عائشة أم رايس مبولحي إلى الجزائر ودفنها بمقبرة مغنية، مشيرة إلى أنها تعيش أوضاعا مزرية لم تمكنها من دفع تكاليف نقل رفاتها إلى أرض الوطن، كما اغتنمت الفرصة لتوجه نداء إلى والي تلمسان تطالبه فيها بمنحها سكنا اجتماعيا أو حتى إيجاريا، يؤويها بصفة نهائية ويمكنها من العودة إلى أرض الوطن، مشيرة إلى أنها تنوي دخول الجزائر لكن معاناتها مع السكن حالت دون ذلك.[/rtl]