بسم الله الرحمن الرحيم ...
-------------------------
الحمد لله..
تقبل الله منا الجميع صالح القول والعمل، ورزقنا الإخلاص في السر والعلن
وهذا جدول مقترح ليوم المسلم في هذا الشهر المبارك:
يبدأ المسلم يومه بالسحور قبل صلاة الفجر، والأفضل أن يؤخر السحور إلى أقصى وقت ممكن من الليل.
ثم بعد ذلك يستعد المسلم لصلاة الفجر قبل الأذان، فيتوضأ في بيته، ويخرج
إلى المسجد قبل الأذان، فإذا دخل المسجد صلى ركعتين (تحية المسجد)، ثم يجلس
ويشتغل بالدعاء، أو بقراءة القرآن، أو بالذكر، حتى يؤذن المؤذن، فيردد مع
المؤذن ويقول ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الفراغ من
الأذان، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين (راتبة الفجر)، ثم يشتغل بالذكر والدعاء
وقراءة القرآن إلى أن تُقام الصلاة، وهو في صلاة ما انتظر الصلاة.
بعد أن يؤدي الصلاة مع الجماعة يأتي بالأذكار التي تشرع عقب السلام من
الصلاة، ثم بعد ذلك إن أحب أن يجلس إلى أن تطلع الشمس في المسجد مشتغلا
بالذكر وقراءة القرآن فذلك أفضل، وهو ما كان يفعله النبي - صلى الله عليه
وسلم - بعد صلاة الفجر.
ثم إذا طلعت الشمس وارتفعت ومضى على شروقها نحو ربع ساعة فإن أحب أن يصلي
صلاة الضحى (أقلها ركعتين) فذلك حسن، وإن أحب أن يؤخرها إلى وقتها الفاضل
وهو حين ترمض الفصال، أي: عند اشتداد الحر وارتفاع الشمس فهو أفضل.
ثم إن أحب أن ينام ليستعد للذهاب إلى عمله، فلينوي بنومه ذلك التَّقوِّي
على العبادة وتحصيل الرزق، كي يؤجر عليه إن شاء الله تعالى، وليحرص على
تطبيق آداب النوم الشرعية العملية والقولية.
ثم يذهب إلى عمله، فإذا حضر وقت صلاة الظهر، ذهب إلى المسجد مبكرا، قبل
الأذان أو بعده مباشرة، وليكن مستعدا للصلاة مسبقا، فيصلي أربع ركعات
بسلامين (راتبة الظهر القبلية)، ثم يشتغل بقراءة القرآن إلى أن تقام
الصلاة، فيصلي مع الجماعة، ثم يصلي ركعتين (راتبة الظهر البعدية).
ثم بعد الصلاة يعود إلى إنجاز ما بقي من عمله، إلى أن يحضر وقت الانصراف من
العمل، فإذا انصرف من العمل فإن كان قد بقي وقت طويل على صلاة العصر
ويمكنه أن يستريح فيه، فليأخذ قسطا من الراحة، وإن كان الوقت غير كاف ويخشى
إذا نام أن تفوته صلاة العصر فليشغل نفسه بشيء مناسب حتى يحين وقت الصلاة،
كأن يذهب إلى السوق لشراء بعض الأشياء التي يحتاجها أهل البيت ونحو ذلك،
أو يذهب إلى المسجد مباشرة من حين ينتهي من عمله، ويبقى في المسجد إلى أن
يصلي العصر.
ثم بعد العصر ينظر الإنسان إلى حاله، فإن كان بإمكانه أن يجلس في المسجد
ويشتغل بقراءة القرآن فهذه غنيمة عظيمة، وإن كان الإنسان يشعر بالإرهاق،
فعليه أن يستريح في هذا الوقت كي يستعد لصلاة التراويح في الليل.
وقبل أذان المغرب يستعد للإفطار، وليشغل نفسه في هذه اللحظات بشيء يعود
عليه بالنفع، إما بقراءة قرآن، أو دعاء، أو حديث مفيد مع الأهل والأولاد.
ومن أحسن ما يشغل به هذا الوقت المساهمة في تفطير الصائمين، إما بإحضار
الطعام لهم أو المشاركة في توزيعه عليهم وتنظيم ذلك، ولذلك لذة عظيمة لا
يذوقها إلا من جرب.
ثم بعد الإفطار يذهب للصلاة في المسجد مع الجماعة، وبعد الصلاة يصلي ركعتين
(راتبة المغرب)، ثم يعود إلى البيت ويأكل ما تيسر له – مع عدم الإكثار -،
ثم يحرص على أن يبحث عن طريقة مفيدة يملأ بها هذا الوقت بالنسبة له ولأهل
بيته، كالقراءة من كتاب قصصي، أو كتاب أحكام عملية، أو مسابقة، أو حديث
مباح، أو أي فكرة أخرى مفيدة تتشوق النفوس لها، وتصرفها عن المحرمات التي
تبث في وسائل الإعلام، والتي يعد هذا الوقت بالنسبة لها وقت الذروة، فتجدها
تبث أكثر البرامج جذبا وتشويقا، وإن حوت ما حوت من المنكرات العقدية
والأخلاقية، فاجتهد يا أخي في صرف نفسك عن ذلك، واتق الله في رعيتك التي
سوف تسأل عنها يوم القيامة، فأعد للسؤال جوابا.
ثم استعد لصلاة العشاء، واتجه إلى المسجد، فاشتغل بقراءة القرآن، أو بالاستماع إلى الدرس الذي يكون في المسجد.
ثم بعد ذلك أدِ صلاة العشاء، ثم صلِ ركعتين (راتبة العشاء) ثم صلِّ
التراويح خلف الإمام بخشوع وتدبر وتفكر، ولا تنصرف قبل أن ينصرف الإمام،
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه أبو داود:1370، وغيره، وصححه الألباني في صلاة التراويح/ص15].
ثم اجعل لك برنامجا بعد صلاة التراويح يتناسب مع ظروفك وارتباطاتك الشخصية، وعليك مراعاة ما يلي :
البعد عن جميع المحرمات ومقدماتها.
مراعاة تجنيب أهل بيتك الوقوع في شيء من المحرمات أو أسبابها بطريقة حكيمة،
كإعداد برامج خاصة لهم، أو الخروج بهم للنزهة في الأماكن المباحة، أو
تجنبيهم رفقة السوء والبحث لهم عن رفقة صالحة.
أن تشتغل بالفاضل عن المفضول.
ثم احرص على أن تنام مبكرا، مع الإتيان بالآداب الشرعية للنوم العملية
والقولية، وإن قرأت قبل النوم شيئا من القرآن أو من الكتب النافعة فهذا أمر
حسن، لا سيما إن كنت لم تنه وردك اليومي من القرآن، فلا تنم حتى تنهه.
ثم استيقظ قبل السحور بوقت كاف للاشتغال بالدعاء، فهذا الوقت - وهو ثلث
الليل الأخير - وقت النزول الإلهي، وقد أثنى الله - عز وجل - على
المستغفرين فيه، كما وعد الداعين فيه بالإجابة والتائبين بالقبول، فلا تدع
هذه الفرصة العظيمة تفوتك.
يوم الجمعة:
يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، فينبغي أن يكون له برنامجا خاصا في العبادة والطاعة، يراعى فيه ما يلي:
التبكير في الحضور إلى صلاة الجمعة.
البقاء في المسجد بعد صلاة العصر، والاشتغال بالقراءة والدعاء حتى الساعة الأخيرة من هذا اليوم، فإنها ساعة ترجى فيها إجابة الدعاء.
اجعل هذا اليوم فرصة لاستكمال بعض أعمالك التي لم تتمها في وسط الأسبوع،
كإتمام الورد الأسبوعي من القرآن، أو إتمام قراءة كتاب، أو سماع شريط، ونحو
ذلك من الأعمال الصالحة.
العشر الأواخر:
العشر الأواخر فيها ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، لذا يشرع للإنسان
أن يعتكف في هذه العشر في المسجد، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
يفعل، طلبا لليلة القدر، فمن تيسر له الاعتكاف فيها، فهذه منة عظيمة من
الله عليه.
ومن لم يتيسر له اعتكافها كلها، فليعتكف ما تيسر له منها.
وإن لم يتيسر له اعتكاف شيء منها فليحرص على إحياء ليلها بالعبادة والطاعة
من قيام وقراءة وذكر ودعاء، وليستعد لذلك من النهار بإراحة جسمه ليتمكن من
السهر في الليل.
تنبيهات:
- هذا الجدول جدول مقترح، وهو جدول مرن يمكن لكل فرد أن يعدل فيه بحسب ظروفه الخاصة.
- هذا الجدول روعي فيه الالتزام بذكر السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه
وسلم، فلا يعني ذلك أن جميع ما فيه من الواجبات والفرائض، بل فيه كثير مع
السنن والمستحبات.
- أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فالإنسان في أول الشهر قد يتحمس
للطاعة والعبادة، ثم يصاب بالفتور، فاحذر من ذلك، واحرص على المداومة على
جميع الأعمال التي تؤديها في هذا الشهر الكريم.
- ينبغي على المسلم أن يحرص على تنظيم وقته في هذا الشهر المبارك، حتى لا
يضيع على نفسه فرص كبيرة للازدياد من الخير والعمل الصالح، فمثلا: يحرص
الإنسان على - شراء الأغراض التي يحتاجها أهل البيت قبل بداية الشهر، وكذلك
الأغراض اليومية يحرص على شرائها في الأوقات التي لا يكون فيها زحام في
الأسواق، ومثال آخر: الزيارات الشخصية والعائلية ينبغي أن تنظم بحيث لا
تشغل الإنسان عن عبادته.
- اجعل الإكثار من العبادة والتقرب إلى الله هو همك الأول في هذا الشهر المبارك.
- اعقد العزم من بداية الشهر على التبكير إلى المسجد في أوقات الصلاة، وعلى
ختم كتاب الله عز وجل تلاوة، وعلى المحافظة على قيام الليل في هذا الشهر
العظيم، وعلى إنفاق ما تيسر من مال.
- اغتنم فرصة شهر رمضان لتقوية صلتك بكتاب الله عز وجل، وذلك من خلال الوسائل التالية:
- ضبط القراءة الصحيحة للآيات، والسبيل إلى ذلك هو تصحيح القراءة على مقرئ جيد، فإن تعذر فمن خلال متابعة أشرطة القراء المتقنين.
- مراجعة ما مَنَّ الله عز وجل به عليك من حفظ، والاستزادة من الحفظ.
- القراءة في تفسير الآيات، وذلك إما بمراجعة الآيات التي تشكل عليك في كتب
التفاسير المعتمدة كتفسير البغوي وتفسير ابن كثير وتفسير السعدي، وإما بأن
تجعل لك جدولا للقراءة المنتظمة في كتاب من كتب التفسير، فتبدأ أولا بجزء
عم، ثم تنتقل إلى جزء تبارك، وهكذا.
- العناية بتطبيق الأوامر التي تمر بك في كتاب الله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يتم علينا نعمة إدراك رمضان، بإتمام صيامه وقيامه، وأن يتقبل منا، وأن يتجاوز عن تقصيرنا.
----------------------
لا تنسونا من صالح الدعاء في ظهر الغيب