نعرف لماذا تعامل البعض مع انقطاع البث في التلفزيون فجأة، ولمدة 25
دقيقة، قبل أيام، على أنه حدث جلل، يوازي ربما فضيحة مراكش، أو مشاورات بن
صالح، أو ربما يضاهي الخوف من استيراد الخيار والخسّ الأوروبي المسموم!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الانقطاع حسب ما نشرته الصحف، استمر لمدة
25 دقيقة، ونراهن على أن عموم الشعب، وحتى بقايا المشاهدين الأوفياء
لليتيمة، لم يُحسّوا ولم يسمعوا به إطلاقا، فما بالك بمشاهدته!؟ وحدها
وكالة الأنباء الجزائرية من عمّمت "مشكورة" خبر الانقطاع، وطمأنت "ملايين"
المشاهدين أن اليتيمة بخير وبصحة جيدة!
لا. بل إننا نذهب أبعد من ذلك، حين نزعم
أن حتى القائمين على هذا الجهاز العجيب، والجالسين على كراسيهم في شارع
الشهداء، لم يعرفوا بخبر الانقطاع في البث إلا عبر الاستعانة بصديق، أو
الاتصال برفيق، لأنه من سابع المستحيلات القول: إن هنالك من يتابع هذا
التلفزيون من داخل التلفزيون نفسه، فما بالك بمن هم
خارجه!
ألا يدرك القائمون على هذا الجهاز العجيب
أيضا، أن المشاهدين في غالبيتهم باتوا يعتبرون "البرابول" نعمة كبيرة،
تضاهي في أهمية وجودها بالبيت الخبزَ والماء. لا بل إن المواطنين العاديين،
أضحوا يتنافسون بحثا عن فك شفرات القنوات العربية والغربية، ويرضون بأقلها
شأنا وأضعفها برنامجا، على أن يُعاقبوا أنفسهم وعائلاتهم
بمشاهدة اليتيمة ومشتقاتها!
لا نعرف أيضا، إن كان الممسكون بزمام
الأمور في البلاد، وأسياد القرار، انتبهوا لقيام الثورات العربية في تونس
ومصر وليبيا، بتطهير التلفزيونات الرسمية، قبل التفكير حتى في استخلاف
الرؤساء المخلوعين والبرلمانات الساقطة والحكومات المنهارة!؟ ذلك أن
الفاعلين في مختلف تلك الثورات، أدركوا أن التلفزيونات التابعة للقائد
فلان، المسبّحة بقدراته وعبقريته النادرة، المسيّرة من طرف جماعات المصالح
ومافيا الإعلام السمعي البصري، عبر مختلف البلدان التي شهدت ثورات شعبية،
ساهمت في تعطيل التغيير، وأخّرته أكثر من مرة، بل وتواطأت على قتل
المتظاهرين والمحتجين، حين حرّضت عموم الناس عليهم بالصوت
والصورة، ووصفتهم بالمشاغبين والإرهابيين، والمتآمرين مع
الخارج!!
عن أيّ انقطاع خطير يتحدث القائمون على
التلفزيون الجزائري، في ظل القطيعة الشعبية لبرامجهم الرديئة باعتراف وزير
الاتصال في الحكومة، ولماذا يعتذرون؟ والأهم من السؤال الأول والثاني: لمن
يعتذرون؟ ثمّ ما السوء الذي لحق بالشعب الجزائري من وراء توقف برامج
اليتيمة وأخواتها؟ أليس غريبا أن يحاول البعض تصوير انقطاع
بث التلفزيون الجزائري على أنه يوازي انقطاع الحليب عن
الأسواق !!؟
الجزائريون في عمومهم لا يحترمون صورة
اليتيمة ولا يصدقونها، ويعتبرونها ضيفا ثقيل الدم والروح في بيوتهم، لا بل
إن الكثير من العائلات تنازلت عن حقها الوطني والدستوري، في الإعلام السمعي
البصري، وباتت راضية بالأجنبي، مصدقة له حتى ولو كان مجرد صورة ملتقطة
بهاتف نقال، أو مهربة عبر الفايس بوك
واليوتوب!
قادة بن عمار ( الشروق)