من طرائف السيد بوطرفة الرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز، تلك الأخبار غير السارة التي زفّها إلى عامة الجزائريين، حيث جاء كلامه مؤخرا في شكل مساومة ضمنية مشفّرة، خيّر فيها المواطنين بين القبول برفع سعر الكهرباء، أو الرضا بالعتمة التي ستُسلّط عليهم في حال الرفض، لأنه برأيه لا يوجد خيار ثالث، ولن يبقى شيء في المستقبل القريب اسمه شركة سونلغاز، إذا لم يتم رفع الأسعار على المدى المتوسط.
والمُلفت في كلام نور الدين بوطرفة، الذي له كل الحق في الدفاع عن مصالح المجمع الذي يشرف على تسييره، غفلته عن قاعدة أساسية في أبجديات التعامل مع الناس، والتي مفادها أنه إذا أردت أن تُطاع فعليك أن تأمر بما هو مُستطاع. وهنا أحب أن أُوفر الوقت والسُوسبانس على المسؤول الأول عن توفير الكهرباء فأقول له بأن طلبك مرفوض، أو بالأحرى مستحيل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والله لا يكلف نفسا إلا وُسعها، فهو حين تشريحه للوضعية الحرجة التي يمر بها مجمعه، نظر إلى نصف الكأس الممتلئ والتغاضي عن النصف الآخر، رغم أن هذا الأخير هو بيت القصيد في القضية كلها، ذلك أن القبول بالظلمة أقرب للجزائريين وأهون من أي زيادة في الفواتير التي قصمت الظهور، وأنهكت الجيوب، وأخلّت بالميزانيات، كيف لا والسواد الأعظم من الأجراء يُكملون الشهر بشق الأنفس أمام غلاء المعيشة وتدني القدرة الشرائية، والخوصصة انتهت بتسريح نصف مليون عامل، والفقر ينتشر في أوساط الغلابى والمحرومين انتشار النار في الهشيم، وكابوس البطالة يستفحل يوما بعد يوم، والواقع أشد وأمر.
إن طلب صاحب نظرية الزيادة يصدق عليه المثل القائل ''على خيرك يا رمضان نصوم عواشيرك''، فأين هي هذه الخدمات النوعية الرفيعة التي توفرها سونلغاز لزبائنها حتى تستوجب زيادات في الفواتير، والمواطن يُحرم من التيار الكهربائي في عزّ الحاجة إليه صيفا وشتاء. وإذا كنت سيدي لا تعلم بالواقع نُبصّرك، وإن كنت تسترشد نذكـّرك، فنرجع بذاكرتك إلى صائفة العام الماضي، عندما اندلعت احتجاجات عارمة في جل الولايات، خرج فيها آلاف المواطنين الناقمين عن بكرة أبيهم إلى الشوارع، فقطعوا الطرقات وأضرموا النيران تنديدا بغبينة الضوء، تحت درجة حرارة وصلت 45 درجة.
لقد كان أولى ببوطرفة أن يفكر في حلول منطقية بدل أن يساومنا بالزيادة، لأن هذه الأخيرة تُعد بمثابة تحريض للزبائن الملتزمين بدفع الفواتير للتمرد، وأنا سأكون أولهم، للالتحاق بزمرة المتطفلين على الشبكة، ممّن ينعمون بالنور بالمجان، مُكبدين المؤسسة خسائر وصلت حدود عشرة ملايير دج مثلما توضح إحصائياته. ومن جملة هذه الحلول أن يتم فرض الزيادة على أصحاب الجيوب العامرة، والرواتب الضخمة وما أكثـرهم، لأنه من الظلم، بل من الجور أن يسدد من يتقاضى راتبا في حدود الحد الأدنى للأجور، فواتير استهلاك بنفس مقاييس من يتقاضى أضعاف هذا الأجر عشرات المرات، عندها فقط تكون المعادلة متوازنة، ويتسنى لسونلغاز التخلص من تخوفاتها.
كنا ننتظر بشائر زيادة الإنتاج للتخلص من الانقطاعات كغيرنا من الأجناس الأخرى، فتفاجأنا بخيار الزيادة في الأسعار.. الحمد الله أن الهواء غير قابل للبيع، وإلا لسمعنا بزيادة وشيكة في ثمن جرعات الأوكسجين.
lمجرد رأي...الخبر.