@ المدير العام
عدد المساهمات : 11028 نقاط : 56745 عضو نشيط : 10 تاريخ التسجيل : 24/05/2009
| موضوع: فنية الترجمة بين الوسيلة والغاية 26/2/2012, 01:07 | |
| عند الحديث عن الوسيلة والغاية في عملية الترجمة نجد أن هناك نوعين: النوع الأول هو الترجمة المباشرة دون وساطة بين المترجم واللغة التي يترجم منها بهدف نقل القصيدة من اللغة الأم إلى لغة أخرى محافظاً قدر استطاعته على أكبر قدر من جمال القصيدة الأصلية, وهذا النوع تكون الترجمة فيه غاية في ذاتها, النوع الثاني هو الترجمة التوضيحية الوسيطة والتي تعنى بنقل معاني القصيدة حرفياً من لغة إلى لغة أخرى لمجرد توضيح المعاني لمترجم آخر لكي يقوم بترجمتها إلى لغة ثالثة وهذه الترجمة لا تعدو أن تكون مجرد وسيلة. آلية الترجمة لا تكون واحدة في الترجمتين ولا تكون النتيجة واحدة. حين تكون الترجمة غاية يكون للمترجم حرية في البعد قليلاً عن النص الأصلي دون الإخلال بالمعنى. فالهدف هنا ليس مجرد الترجمة الحرفية بل إعادة كتابة النص الأصلي بلغة أخرى تبدو وكأنها لغة أصلية كتب بها النص. لكي يستطيع المترجم فعل ذلك يجب أن يكون متمكناً في اللغة التي يترجم إليها تمكنه من اللغة التي يترجم منها, وأن يكون متشرباً لروح اللغة ويعرف كي سيتقبل أهلها هذه الكلمة وتلك العبارة, فيجد نفسه وقد ابتعد قليلاً عن النص الأصلي مسافة تكفي لأن يتحرك بحرية ويجيد في ترجمته. هل معنى هذا أن الترجمة فن كما يعتقد البعض؟ هناك مدرستين للترجمة: مدرسة شعارها الترجمة فن وتجعل المترجم حين ترجمته كالفنان حين إبداعه, ومدرسة شعارها الترجمة تقنية وقوامها أن الترجمة شأنها شأن أية مهنة تحتاج لمهارة وتقنية وتدريب وممارسة - على الرغم من أن الفن ذاته يحتاج لكل ما سبق! الرسام حين يبدأ في رسم لوحته والشاعر حين يبدأ في كتابة قصيدته والموسيقار حين يبدأ في كتابة لحنه يكونون جميعاً غير موقنين من الشكل النهائي لإبداعهم ويكونون مستكشفين حين إبداعهم وإلى أن ينتهوا من عملهم الإبداعي.عكس الفنان يكون للمترجم تصور مبدئي لما ستؤول إليه ترجمته عند البدء في الترجمة, فبين يديه النص الأصلي الذي يعد قالباً يصب فيه وعلى نموذجه النص المترجم. وجود هذا النموذج لا يعطي للمترجم حرية الفنان. المترجم هنا يكون مقيداً بالنص الأصلي, ولكنه قيد مرخيٌّ قليلاً يعطيه من الحرية ما يمكنه من اختيار الكلمة الجميلة والصياغة المناسبة في ترجمته دون أن تجعله فناناً يمتطي صهوة خياله فيسهب حين يحلو له أن يسهب. أخلص من حديثي هذا إلى القول بأن حاجة المترجم تكون إلى المهارة والتقنية لا إلى الفن بمفهومه الأشمل وتكون الترجمة تقنية في المقام الأول لا فناً. | |
|