الحمد لله الذي جعل لنا ليلا نسكن فيه وترتاح فيه الأجساد
وجعل لنا نهارا مضيئا نسعي فيه علي رزقنا ومعايشنا
وقفت مع أول نسمات الصباح العليل .أتنفس هوائه
العليل .اتنفس هواء نقي لم أتنفسه من قبل .شعرت براحة لم
أشعر بها .وأنا أتابع رحيل الليل وميلاد النهار .الصمت يحيط بي
ولكن كل ما حولي يتحدث حديثا لا مثيل له .رأيت العصافير
تأتي من كل حدب وصوب تبحث عن رزقها هنا وهناك .
تتنقل بكل همة ونشاط فرادىوجماعات تأكل بجوار بعضها
البعض فلم تكن تتناحر ولا تتشاجر على الطعام بل الكل يبحث
والكل قانع بما رزقه الله من رزق . بل أكاد أقول بلغة الطير كانت
تستدعي بعضها البعض لتأكل والجميع محب لا بغضاء ولا
شحناء والكل على المحبة سواء.
حتى علا صوت الديك من حولي مسبحا مناديا بلغة لا ندركها
تأذن بميلاد يوم جديد ولعله ينبهني أن هذا يوم وليد وعلى عملي
شهيد فلا تدعه يفوت بدون عمل يرفعك وقول ينفعك .
نظرت إلى المنازل من حولي وكأني أراها لأول مرة لا حياة فيها
ساكنة خاضعة لقوة تسيطر عليها فقلت سبحان الله إن قيمة
المنازل مهما علت وتزينت فيمن يسكنها من البشر وليست فيما
تحتويه أو تقدر به.
تسللت الشمس لتعلن عن قدومها الذي لم ولن يتغير حتى يرث
الله الأرض ومن عليها لتحتويني وتحتوي كل ما حولي فتبعث
الدفء والنور ولقضي على البقية الباقية من ليل مودع ولتقول
أن الذي خلقها وخلق هذه الأرض بمن فيها وما عليها لم يخلقها
عبثا .
حتى بدأت أقدام البشر تدب على الطرقات وتعالت الأصوات بين
منادي وساع على رزقه.وتداخلت الأصوات وبدأت الصراعات
حتى شعرت باختناق فلم أعد أتنفس هواءً نقي كذي قبل إنما هواء
مسمم بالكذب ملوث بالنفاق مشبع بالطمع ملئ بالحقد والحسد
فما كان مني أن أغلقت شباك غرفتي عليً جاهدا أن أجد بعض
الهواء النقي ما زال عالقا بغرفتي لأتنفسه وما هي إلا لحظات
حتى وجدتني أغط في نوم عميق
من كان يتنفس هواء نقي .......................عابر سبيل