على سفحِ شعري ضَمَّني الوَجْدُ نائيا
هناك اعتلى قلبي ذُرَى البوحِ شاديـا
هناك انبرى سِحْرُ المساءاتِ حينمـا
تجلّى السَّنا والبدرُ كأسـاً وساقيـا
هُنَالِكَ منفايَ الـذي بـات مُوحِشـاً
أُ وافيـهِ طفـلاً غائـمَ الخـدِّ باكيـا
وآتيهِ ملءَ الجـرحِ أتلـو قصائـدي
تباريحَ قلـبٍ يلثـمُ الصبـرَ داميـا
إليه انتهى معـراجُ نبضـي مُكَلَّـلاً
بشهقـةِ صوفـيٍّ تَشَظَّـتْ قوافيـا
* * * *
نَزَفْتُ اغترابـاً فيـه وازددت لوعـةً
لِيَلْتَفَّ بعضي حول بعضـي مُواسيـا
فكم طِرْتُ بين الحرفِ والحرفِ أبتغي
بُلوغَ مـلاذٍ يَسْفَـحُ الـدفءَ حانيـا
على أننـي ألفيـتُ أفـلاكَ أحرفـي
مساحـاتِ حـزنٍ يستبيـحُ المآقيـا
تَجَوَّلْـتُ فـي أرجائهـا ذات غربـةٍ
فكنـتُ أبـا ذرٍّ يجـوبُ المنافـيـا
ويمضي بـهِ منفـاهُ تِلْقَـاءَ نفحـةٍ
من الله إذ يدعوهُ فـي الليـلِ خاليـا
فـإن تَعْبِـقِ الدنيـا، فثمـةَ ناسـكٌ
يُرَتِّـلُ مـلءَ الغـارِ سبعـاً مثانيـا
* * * *
نَفَوني إلى شِعْري ولم تَـكُ تُهْمَتـي
سوى أننـي نَسْـرٌ يـرومُ الأعاليـا
و يهوى امتطاءَ الغيمِ كي يلثمَ العُـلا
فَيَسْتَلَّ من غِمْـدِ المُحـالِ الأمانيـا
* * * *
نفوني وآمالاً غَفَـتْ بيـن أضلعـي
فَأَيْقَظْتُ مِجْدافـي، وأَبْحَـرْتُ نائيـا
وجُبْتُ بِحَارَ الوجـدِ فـوق قصيـدةٍ
ولولا جنون الموجِ ما كنـتُ شاكيـا
ورغمَ الأسى المسفوحِ نهراً، فإننـي
تَخَطَّيـتُ آلامـي، وحَلَّقْـتُ عاليـا
فَأَمْطَرْتُ - رغمَ الجرحِ - وابلَ بَلْسَمٍ
همى فوق أُخـدودِ المعانـاةِ شافيـا
وَفَجَّـرْتُ أبْياتـي ينابيـعَ دهـشـةٍ
وأرويتُ بالشعـرِ الفُـراتِ الفيافيـا
كأني وشِعْـري: غيمتـانِ اسْتَماتَتَـا
سخـاءً، فمهمـا تُمْطِـرا لا تُباليـا
* * * *
وإني - وإن صالَ الجوى فيَّ عابثاً -
سآوي إلى سفـحِ المعالـي مُباهيـا
لأحيى مُضِيءَ الروحِ أُشْبِـهُ أنجمـاً
تَباهَـتْ سطوعـاً يَسْتَفِـزُّ الدياجيـا