[size=16]يا خليلي إن في تلك الفجـاج جـنـة خـلابـة تدعــــى بــــلادي
و أنـاشيـدا و أزهـارا عذابــــــا و رواب فوقها تشدو الشوادي
و حيــاة كلهـا للـفـن تهفـــــو قد سقت بالحـب أرواح العبــاد
بوسعادة وصفك صعب و لكن سامحيني هذا ما قال فـؤادي
شاعر المدينة : السعيد هواري
من لا يعرف مدينة بوسعادة .. المدينة الساحرة ...مهد الجمال والقرآن وقلاع
العلم الثائرة.. أريج ساحر يغمرك ساعة الجلوس على ضفاف مقهى ''الزجوة''
الذي يبقى شاهدا على الزمن الذي تواتر على مدينة العروش الأربع والعشرين
ومنطقة سيدي ثامر.
بوسعادة المدينة على مرمى حجر من الجزائر العاصمة ببعد لا يتعدى 240 كلم من
جهة جنوبها، حيث تعتبر من أقدم الدوائر على المستوى الوطني، من مسمياتها
مدينة السعادة، وبوابة الصحراء نظرا لكونها أقرب واحة إلى الساحل الجزائري،
تتميز بجو حار صيفا ومعتدل ودافئ شتاء نظرا للجبال والفيافي المحيطة بها والتي تزيدها حسنا وبهاء.
تعتبر منطقة بوسعادة ذات كثافة سكانية عالية إذ قدر عدد سكانها حوالي
300000 نسمة عام 2006 وتضم أحياء شعبية كثيرة، نذكر منها حي العشايشة بوسط
المدينة قرب ساحة الشهداء بأزقته الضيقة التي تشبه كثيرا أزقة حي القصبة
العتيق بالعاصمة، وأحياء الكوشة والقيسة وسيدي سليمان ذي الكثافة السكانية
العالية و الذي يعتبر أكبر حي في الجنوب من حيث عدد السكان.
تشتهر المدينة بالصناعات التقليدية منها الموس البوسعادي المشهور والسيف
البوسعادي وصناعة الحلي والمجوهرات الفضية خاصة... كانت إلى وقت قريب محج
الكثير من الأوروبيين وقبلة للسياح الذين يأتونها للراحة والاستجمام
والاستمتاع بمناظر النخيل ودعة الشمس التي تطل من وراء جبل كردادة، محملة
بنسائم العشق والوله الذي كان يرسله العشاق والشعراء في مدينة السحر
والجمال.
بوسعادة، واحة النخيل ومرتع الحضارة.. رجال من أعماق التاريخ خلفوا آثارهم
في كل مكان، على غرار العديد من معالم المنطقة. قد لا تكون السعادة وحدها،
وقد يكون الأب أو الحفيد وكل الذين بنوا هذه المدينة الجبلية الجميلة
الواقعة على عتبة الصحراء الجزائرية التي ترعرع فيها العلماء والمفكرون
وشيدوا فيها نهضة لا تزال آثارها باقية حتى اليوم .. مسيليون في كل مكان،
رجال علم وثقافة وإبداع، ولا يزال الأبيض والأسود يحفظ لمدينة بوسعادة وهي
التي تتوسد النخيل والجبل تلك المناظر البانورامية الممتعة الخلابة، ولا
يزال الجزائريون وكثير ممن زار بوسعادة يحجز للصديق والمحبوب بطاقة بريدية
تحمل سحر المكان وأفانين الطبيعة الجميلة. أما الذين وقعوا في حب هذه
المدينة فهم كثر ولن يكونوا أكثر من الفنان الفرنسي الشهير نصر الدين
إيتيان ديني غرقا في حب بوسعادة وإلى الأبد.
بوسعادة الثورية :
شهدت منطقة بوسعادة إبان ثورة التحرير الكبرى معارك هامة، وساهم أبناء
المنطقة في حرب التحرير الكبرى، ومن أهم المعارك التي شهدتها بوسعادة
والمناطق المجاورة لها معركة جبل بوكحيل 55 كلم جنوب المدينة، ومعركة جبل
ثامر جنوب بوسعادة، توفي بالمنطقة قائدي الثورة الكبيرين العقيد عميروش وسي
الحواس، كما احتضنت الولاية السادسة، وكانت مسرحا مخضبا بالمعارك التي
انتحرت فيها شواهد الاستعمار الغاشم.
تاريخ المدينة :
إن تاريخ بوسعادة كما يقدمه علماء الآثار والباحثون يضرب في أعماق التاريخ،
يحكي شواهد هذه الواحة التي يقول المؤرخون إنها كانت آهلة بالسكان منذ
عصور ما قبل التاريخ، وقد تم العثور على مسافة 4 أو 5 كلم جنوب المدينة على
العديد من الآثار التي تدل على وجود سكان على ضفاف وادي بوسعادة منذ العهد
''الايبيروموريزي'' أي منذ حوالي ثمانية آلاف أو عشرة آلاف سنة. كما تم
العثور على كمية كبيرة من الأدوات المصنوعة من معدن الليتيوم، واستخرجت
المكاشط والصفيحات وقطع الصوان من طبقات المعادن المحاذية للوادي، بالإضافة
إلى بقايا جثث حيوانات ذلك العهد، كما تدعمت المنطقة باكتشاف مغارة عجيبة
ببلدية الخبانة التي لا تبعد عن مدينة بوسعادة سوى 40 كلم، والتحقيقات
جارية من قبل مسؤولي المنطقة لتصنيفها جيولوجيا. وعلاوة على ذلك، فقد لاحظ
المؤرخون والباحثون وجود أثر حيوانات رباعية الأقدام على جدران صخرية، تبعد
بعض الكيلومترات شمال غرب واحة بوسعادة. وكانت هذه الحيوانات محل اصطياد
وعيش أناس ما قبل التاريخ في المنطقة، فعلى طول سلسلة جبال سلات، هذه
الجبال التي جال و صال فيها العلامة ابن خلدون. وفي أعالي طريق سيدي عامر
مازالت تلاحظ رسومات صخرية هي أشبه برسوم البيسون، أما الرسوم الصخرية
فتذكر الزائر بصور التاسيلي الجدرانية التي تشابهها أشد الشبه، ولكن
الباحثون لم يتأكدوا بعد من المدة التي تفصل بين حياة أولئك الذين عاشوا في
عصر ما قبل التاريخ، وبين حياة سكان الحضنة الذين يشهد التاريخ بأنهم من
أوائل سكان هذه المنطقة، غير أنه قبل الاحتلال الروماني لأماكن محددة من
السهب، كانت هذه الأخيرة آهلة «بالجيتول» وهؤلاء البرابرة الرحل على
الرواية الرومانية كانوا في تنقل مستمر في الهضاب العليا بحثا عن المراعي.