مجلس الشعب يناقش الوضع المالي والاقتصادي الراهن.. جليلاتي: الدولة قادرة على سداد التزاماتها خلافا للإشاعات
محطة أخبار سورية
افتتح مجلس الشعب أولى جلساته من دورته العادية الثالثة عشرة برئاسة الدكتور محمود الأبرش وبحضور رئيس مجلس الوزراء عادل سفر وإعضاء حكومته .
رئيس الحكومة الذي تناول اولويات برنامج العمل القادم ، بيّن أن سورية استطاعت بفضل استقلالها الاقتصادي من تجاوز جميع اشكال الضغوط السياسية و الاقتصادية و الاعلامية والعسكرية الهادفة الى اضعاف دورها و ارادتها المنبثقين من مواقفها المبدئية القومية و الوطنية ، و الانطلاق في برنامج التطوير و التحديث ،موضحا أن هذه الضغوط جعلت الحكومة تعطي الاولوية للعمل بمكون واحد و التركيز عليه و هووقال الاصلاح الاقتصادي في مقابل مكونات الاصلاح السياسي و الاداري .
كما أشار سفر إلى أن سورية التي تواجه تحديات داخلية كبيرة مع استمرار وجود تصميم خارجي على التدخل بشؤون الداخلية بذرائع تخدم اعداء الوطن مازالت تعمل على دعم المقاومة و مواجهة كافة الضغوط الهادفة إلى المساس بسيادتها و استقلال قرارها الوطني متسلحة بإيمانها بشعبها واخلاص جيشها الوطني، كما انها تعمل على تقديم نموذج لبناء الدولة الديمقراطية من خلال مواصلة مسيرة الاصلاح السياسي .
وأضاف : " ان تجاوز التحديات القائمة و استثمار فرص المرحلة القادمة يتطلب منا القدرة على تقييم و مراجعة وتصويب سياساتنا الاقتصادية و الاجتماعية بما يضمن المواءمة بين الكفاءة الاقتصادية و العدالة الاجتماعية و بما يحقق الحقوق الاجتماعية للمواطنين ، و الحكومة و هي تنفّذ برنامج عملها ملتزمة بتطوير الاداء الحكومي لخدمة المواطن الذي يشكّل محور وهدف العمل الاداري التنموي و محاربة الديمقراطية و الفساد و محاسبة المقصرين ".
مبينا ان الحكومة مسؤولة عن العمل بشكل متكامل من خلال البرامج التنفيذية التي تم وضعها وبما تتضمنه من سياسات و برامج ومشاريع تعمل على تسريع عملية التنمية و الاصلاح في المجالات كافة بغية تحقيق الاهداف الرئيسية المتمثلة في رفع مستوى معيشة المواطن و خلق فرص العمل اللائقة و تحقيق العدالة الاجتماعية و ذلك للعمل على توزيع الانفاق الاستثماري بشكل متوازن بين مجالات التنمية البشرية من تعليم و صحة وثقافة و حماية اجتماعية ومجالات البنية التحتية من طاقة ونقل واتصالات و مياه و صرف صحي و مجالات قطاع الاقتصاد الحقيقي و بخاصة الزراعة و الصناعة و السياحة كمورد للدخل و فرص العمل .
وقد تناول سفر ضمن برنامج العمل الذي قدّمه ، توجهات الحكومة في مجالات الاقتصاد و التجارة و غيرها من القطاعات ، حيث أكد على ضرورة العمل على التركيز على اولوية احلال السلام العادل و الشامل المستند الى الشرعية الدولية بما يؤدي الى الانسحاب الكامل من الجولان و جميع الاراضي العربية المحتلّة و استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية ،و العمل على قيام نظام عالمي متعدد الاقطاب تقوم في ظله علاقات دولية متوازنة تدعم ترسيخ الامن و الاستقرار العالميين ، كما أكد على ضرورة تطوير العلاقات التجارية و الاستثمارية مع الدول الشقيقة و الصديقة بما يضمن الفوائد المشتركة ، والتأكيد على الحفاظ على امن الدولة الداخلي واجهزتها و مؤسساتها و امن المواطن وسلامته و توفير الامكانات البشرية و المادية للقيام بذلك و المحافظة على تطبيق مبدأ سيادة القانون والتأكيد على استقلالية القضاء العادل و النزيه.
وفيما يتعلق بمجال الاعلام أوضح سفر ضرورة ضمان الحريات الاعلامية واعادة هيكلة منظومة الاعلام الوطني بكافة مكوناته لمواكبة عملية الاصلاح الشامل ، وفي مجال الاقتصاد أشار إلى أن رؤية الحكومة تقوم على بناء سياسة نقدية فاعلة تهدف الى تحقيق استقرار الاسعار كهدف نهائي معلن للسياسة النقدية اما على المدى المتوسط فسيستمر العمل بالحفاظ على استقرار سعر الصرف لتحقيق استقرار المستوى العام للاسعار و العمل على استقرار النظام النقدي و المصرفي و تشجيع الادخار .
و تقوم رؤية الحكومة في مجال السياسة المالية ، وفقا لـ سفر ، على تنفيذ حزمة من السياسات المالية و الضريبية المتكاملة التي تعمل على زيادة معدلات الادخار القومي و وضع اطار متكامل لتنفيذ برنامج اصلاحي شامل من اجل تحسين اداء المالية العامة للدولة و معالجة التشوهات المالية و استكمال الاصلاح الضريبي و تحقيق العدالة الضريبية و تلافي زيادة المديونية الداخلية و تنظيم ادارة الدين العام مع تحقيق استدامة المالية العامة واصلاح آليات الانفاق.
و في مجال التجارة، أشار سفر إلى سعي الحكومة للعمل على دعم البيئة التنافسية المحفزة للعمال و الاستثمار من خلال تحسين بيئة المشاريع الصغيرة و المتوسطة و ريادة الاعمال و توفير البنى التحتية المناسبة لها .
من جهته وزير المالية محمد الجليلاتي بيّن أنه منذ عام 2003 بدأ يظهر العجز في الموازنة العامة للدولة والذي جاء كنتيجة طبيعية لانخفاض كمية النفط الذي يتم استخراجه في سورية، حيث انخفضت كمية الانتاج من 600 الف برميل في اليوم الى ما يعادل 380 الف برميل ، و بالتالي انخفضت العائدات من الموارد النفطية بحدود النصف و قابلها في ذلك زيادة باستخدام واستهلاك المشتقات النفطية ، و قال الجليلاتي : لقد ابتدأ العجز في عام 2003 بحوالي 145 مليار سنويا و لكن الانفاق الجاري يزداد سنة بعد اخرى ، فعلى سبيل المثال في بداية عام 2011 تمت عملية زيادة الرواتب و الاجور والتي كلفّت الدولة بحدود 100 مليار ليرة سورية كما أنه في نفس العام ايضا كان لدينا عجز مخطط بحوالي 167 مليار ولكن لم تُظهر الموازنة العامة حقيقة الدعم الاجتماعي الذي تقدّمه الدولة للمواطنين حيث نستطيع القول بأن حوالي 35 % من مجمل الموازنة العامة للدولة يذهب الى الدعم الاجتماعي و يستفيد منه 23 مليون مواطنا ، بمثال على ذلك الدعم الذي يقدّم في مجال المشتقات النفطية و في مجال حوامل الطاقة و الكهرباء و دعم العجوز التموينية كالخبز و الارز و السكر، هذه العجوزات ستظهر بشكل واضح وجريء بدءا من موازنة عام 2012 و تقدّر بحوالي 400 مليار .
أما فيما يتعلّق بالوضع المالي الحالي ، أوضح الجليلاتي :" عمليا في عام 2011 كانت الايرادات المحققة حتى تاريخه تعادل حوالي 90% من الايرادات المخططة في موازنة عام 2011 والانفاق الجاري بكافة اشكاله يتم تغطيته بشكل كامل أما الانفاق الاستثماري فسيتم تأجيل تنفيذ بعض المشاريع غير المباشر فيها الى العام القادم ، لكن يمكننا القول بأن حوالي 60% من الخطة الاستثمارية تقريبا قد نُفّذت و يمكن ان يُستكمل تنفيذ 80% منها حتى نهاية العام"، و استطرد وزير المالية قائلا :" إن الواقع المالي في عام 2011 جيد جدا مقارنة مع الوضع الاقتصادي العام و منعكسات الازمة المالية العالمية و الركود الاقتصادي و انخفاض ايرادات وارباح شركات القطاع العام و القطاع الخاص على حدّ سواء ، اضافة الى الظروف الحالية التي تمرّ بها سورية و امتناع الكثير من المكلّفين عن السداد الضريبي ،و ذللك لارغبة في الامتناع ، وانما لنقص السيولة، كما امتنع البعض حتى عن سداد فواتير المياه و الكهرباء و قد تعثّر البعض في سداد الاقساط المصرفية المترتبة عليهم فتم اصدار المرسومين المتعلقين بإعفاء الديون المتعثّرة في المجال الصناعي وكذلك كافة الفوائد و الغرامات المترتبة على القطاع الزراعي بغية تشجيعه" .
جليلاتي بيّن أن الحكومة تسير ضمن الامكانات المتاحة في موازنة عام 2011 وأن الدولة قادرة على سداد كافة الالتزامات المالية المترتبة عليها خلافا للاشاعات التي يبثّها ، كما أضاف : لقد استفدنا من التجربة التي نمر بها من خلال الانتباه إلى الاخطاء التي مارسناها في السابق و ذلك من خلال تحرير التجارة الخارجية بشكل كامل وتخفيف الدعم لصالح المنشآت الصناعية الامر الذي ادى الى منافسة السلع الاجنبية للسلع السورية و تحديدا في قطاع الالبسة و الموبيليا وغيرها من القطاعات ، لذا لابد من اعادة النظر بهذه الاتفاقيات التي كانت مجحفة بعض الشيء ، كما ينبغي العمل اعادة تأهيل شركات القطاع العام و الخاص ، و دراسة واقع شركات القطاع العام و تأهيلها لتحويلها من شركات خاسرة الى رابحة " .
أما عن توقعاته للعام القادم ، قال وزير المالية : " توقعاتنا في العام القادم بأن تنخفض الايرادات المتأتية من الضرائب و الرسوم بحدود 50 % كذلك فيما يتعلّق بالموارد المتحققة بالنسبة للقطاع العام ، اضافة إلى تزايد الاستهلاك من المشتقات النفطية ، ومن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سورية ومنع تصدير النفط الخام فقد يمنع علينا استيراد المشتقات النفطية لذا سنعاني في مجال قطاع النفط في حال لم نجد طريقة تمكننا من تسويق الفائض من النفط ، و لكننا بالطبع سوف نجد ". مبيّنا ان الفائض السوري من النفط يعادل بحدود 100 الف برميل يوميا و ان 70% من النفط السوري الذي يتم تكريره في مصفاتي بانياس و حمص يغطّي حوالي 80% من احتياجاتنا المحلية.
كما تناول وزير المالية مسألة دعم المازوت ، و بيّن أن البعض يقول أن المازوت مفقود بسبب عملية التهريب ، و ان تكلفة لتر المازوت هي بحدود 40 ليرة سورية إلا أنه يباع بـ 15 ليرة ، موضحا أنه كان هناك خطة لإلغاء آلية دعم المازوت نهائيا و تعويم اسعار السلع و بيعها بالكلفة الحقيقية و ايجاد وسيلة اخرى لايصال الدعم الى مستحقيه و منها المحاولات التي طرحت في السنوات السابقة والتي تمثّلت في البونات و السداد النقدي و الى الآن لاتزال هذه المشكلة قيد الدراسة و سوف نجد لها طريقة مناسبة .
واختتم وزير المالية حديثه : إن عجوز الموازنة سوف تتزايد، و لكن عجز الموازنة له معالجات مالية قد يكون منها تعبئة المدخرات المحلية من خلال اصدار اذونات خزينة او مساعدات وطرحها للمواطنين او للمصارف المحلية، إن سورية الآن بحاجة ماسّة لتوظيف كامل ودائع المواطنين في سورية باستثمارات حقيقية بدلا من توظيفها في مشاريع عقارية او سياحية كما في السابق ،لذا علينا ان نبحث عن المشاريع الاقتصادية التي تعتمد على توليد قيمة مضافة عالية و تأمين اكبر عدد من فرص العمل للعاملين و بالتالي هدفنا الآن هو الاستفادة من الاستثمار العربي و الاجنبي في توظيفه في المشاريع الاقتصادية المنتجة .
بدوره ، وزير الاقتصاد بدأ حديثه في بيان الازمة الحقيقية التي تمر بها سورية منذ حوالي 6 أشهر، و أشار إلى أن الاقتصاد السوري قد تأثر منذ 5 الى 7 سنوات بأزمة مالية نتيجة التعرّض لسنوات جفاف اضافة الى السياسات الاقتصادية التي كانت متبعة و التي ذهبت بالوضع الاقتصادي السوري إلى غير ما نطمح إليه ، في حين طمأن وزير الاقتصاد المجلس باستقرار العملة السورية مشيرا الى ان متانة الاقتصاد السوري جيدة مقارنة بما تتعرّض له سورية من عقوبات و ضغوطات اقتصادية ، و يعود الفضل الى الكفاية و التنوّع في اقتصادنا اضافة الى ماتم اتخاذه من تدابير و اجراءات حتى يستطيع الاقتصاد ان يصمد خلال الازمة الحاليّة التي تمرّ بها سورية.
و فيما يتعلّق بإلغاء قرار تعليق استيراد البضائع و السلع التي يزيد رسمها الجمركي على 5% ، فقد بيّن الشعار ان الغاء هذا القرار يدل على توجهات الحكومة التي تناقش و تتحاور في اي قرار اقتصادي لمعرفة مدى تأثيره و في حال كانت سلبياته اكثر من ايجابياته يتم الغاؤه و هذا ما حدث بقرار تعليق الاستيراد ، موضحّا ان قرار الإلغاء جاء استجابة لرغبة المواطنين و طلباتهم و رغبة الصناعيين ، مع الاشارة الى ان القرار في اوّل صدوره قد لاقى استحسانا كبيرا من قبل المواطنين إلا ان ازدياد الاسعار و استغلاله من قبل بعض الصناعيين ادى إلى غبن المواطن منه .
وبيّن الشعار ان القرارات الاقتصادية بطبيعتها لاتملك اليقين و لذلك يتم تجربتها على ارض الواقع اولا ، حيث قال : "إن القرارات الاقتصادية تتفاعل مع الشعب ، و الشعب يتفاعل مع الحكومة و الحكومة تتخّذ القرار النهائي" ، كما اوضح ان العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي و من إلى جانبهما تضرّ بالمواطن اولا و ليس غيره ، فالعقوبات الاقتصادية موجهة ضد المواطن السوري بغض النظر عمّا يسوقونه من ادلّة ليس لها اي قيمة اقتصادية .
أما أعضاء المجلس فقد تناولت اسئلة و طروحات البعض منهم ضرورة محاسبة الحكومة السابقة بحيث لاتحمّل هذه الحكومة الحاليّة ايّة اخطاء ناتجة عن السياسات الاقتصادية التي تمّ اتباعها سابقا ، حيث اشار عمار بكداش إلى ان الطاقم الاقتصادي في الحكومة السابقة يجب ان يحاسب كون اعماله قد شكّلت دورا كبيرا في تهيئة الظروف الحالية التي تمرّ بها سورية ، فبيّن انه يجب العمل على تحسين التربة الاجتماعية و الاقتصادية و تقويتها و تحسين وضع الانتاج الوطني و المُنتج .
كما اكّد احد الاعضاء على اهمية ايجاد حلّ من قبل الحكومة لمسألة عمل المعلمين و المعلمات خارج محافظاتهم كونها تشكّل قلقا كبيرا و أرقا للكثير من المواطنين ، اضافة إلى طرح احد الاعضاء مشكلة المستثمرين السوريين وضرورة تخفيف العقبات أمامهم و خاصة فيما يتعلّق اصدار التراخيص من خلال ضرورة ايجاد مكاتب مختصة مهمتها تسريع هذه الاعمال على ان تكون هذه خطوة في تحفيز الاسثمار المحلّي .
و رفعت الجلسة إلى تمام الساعة الحادية عشرة من صباح غد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]