الصراحة
تتميز الشخصية الجزائرية بحب الصراحة و الأسلوب المباشر في المعاملات ، و
مقت اللف و الدوران في الحديث بين الأفراد وو الجماعات ، ومن الشواهد
التقافية لهذه السمة كما تبينها الملاحظةالمباشرة للسلوك العام ، و تؤكدها
الأمثال الشعبية و الأقوال المأثورة هي : الي يدس بزاف يموت بالزعاف.
و مضمون المثل : أن الشخص الذي يخبئ أو يكبت في نفسه الكلام و لا يفصح عنه
عند اللزوم سيموت بغيظة و - الزعاف - باللهجة العامية الجزائرية هو الغيظ .
و بزاف يعني كثير.
أخرج لربي عريان يكسيك .
و مضمون المثل أن الانسان لا ينبغي أن يخاف الا من الله ، و يقول الحق مهما
تكن الظروف ، و ان الله سيكون في جانبه طالما كان هو مع الله في الصدع
بقول الحق الذي يعلو و لا يعلى عليه.
و يؤكد هذا المعنى مثل آخر يقول :
لا خوف الا من الله - أو - الخوف غير من ربي.
و معناها أن الانسان لا ينبغي أن يخاف في الحق لومة لائم ، و أن الله هو وحده الجدير بالخوف.
- الي في الصندوق فوقو- و معناه أن على الانسان ألا يضمر ، و يجب أن يكون صريحا و أن ما في قلبه منعكس على لسانه.
- الي يحشم فيما ضرو الشيطان غرو-و
كلمة - يحشم - تعني يستحي ، و معنى المثل أن الانسان الذي يستحي أن يقول
الحق و يفصح به سيلقي الضرر من الشيطان الذي يوسوس له بعدم قول الحقيقة و
الافصاح عن نواياه بوضوح ، ليعرف الناس حقيقة أمره .
و يؤكد هذا المعنى مثل آخر يقول - أدخل الدار من بابها-
و يعني اتباع الأسلوب المباشر في المعاملات ، و تحاشي اللف و الدوران .
و - المحبة في القلب و اللسان عليها بيان -
و معناه أن الانسان يجب أن يكون صريحا ، كما ينبغي أن يقول للذي يحبه اني أحبك ، و يؤكد القول المأثور:
قلبي تقطع بلمواس*****ما جابرا نلوحو
من كان كواي للناس ***** يصبر لكيات روحو
و كلمة - لمواس - تعني السكاكين و - برا - تعني الخارج . - نلوحو- تعني أرميه.
و مضمون المثل أن القلب اذا تقطع بآلام الغيظ يجب أن تلفظ تلك الآلام الى الخارج كي يستريح المرء من الغم الذي يسببه كتم الغيظ.
و توجد مجموعة من الأمثال - النقدية - التي تصف عواقب الصراحة ، و مع ذلك
تحبذها ، و تنقد الأشخاص المنافقين و المراوغين ، ومن ذلك مثلا :- الي يقول الصح راسو ينتخ -
و كلمة -الصح - تعني الحقيقة و - ينتخ - تعني يتهشم اي يتهشم من طرف الاشخاص الذين لا يقوون على سماع الحقيقة .
و معنى المثل أن الشخص الذي يقول الحقيقة قد يتعرض لخطر الاعتداء من طرف الاشخاص الذين لا يروقهم سماع الحقيقة المرة :
و يؤكد هذا المعنى مثل آخر يقول - الي يتكلم كلمت الحق يرحل من الدوار -
و
-الدوار - معناها قرية كبيرة أو مجموعة قرى متجاورة تتميز بالانسجام
الثقافي و وحدة النظم و العادات و التقاليد ، ومعنى المثل أن الانسان الذي
يقول الحقيقة يجب ان يضع في حسبانه احتمال وقوع الضرر له ، و يستعد للرحيل
من دواره ، اذا لزم الأمر ، جزاء صدعه بكلمة الحق .
و يؤكد ذلك قول مأثور يقول :
من يامنك يا كحل الراس*****ما شينك بطبيعه
السن يضحك لسن*****و القلب فيه الخديعة..
و كلمة - يامنك - معنها يأتمنك ، و - كحل الرأس - تعني الانسان ، و - ماشينك - تعني ما أسوأك و - طبيعة - تعني صفة .
و
مضمون الكلام أن بعض الناس مجبولون على النفاق ، و من ثمة يجب الا يؤتمنوا
لأنهم يعطون من طرف اللسان حلاوة و يروغون كما يروغ الثعلب على حد قول
الشاعر العربي .
يقول الشاعر المتنبي :
و اذا رأيت نيوب الليث بارزة ***فلا تظنن أن الليث يتسم
و ان هذا النقد الموجه للنفاق و المنافقين يمثل أكبر دليل على الحس الشعبي العام الرافض للنفاق و المحب للصراحة.